نرجو من فضيلتكم بيانَ مفهوم السنة والبدعة، وهل كلُّ فعلٍ لم يفعله النَّبيُّ ﷺ بدعةٌ؟ وهل هناك فرقٌ بين أن يدلَّنا النَّبيُّ ﷺ على العبادة الفاضلة في وقتٍ معين وبين فعله في ذلك الوقت؟ مثال: قراءة القُرْآن بين الأذان والإقامة هل هي سنةٌ أم بدعة؟ وهلَّا أَحَلْتُمُوني إلى مرجعٍ أو مراجع لعلماء ثقاتٍ في هذا الأمر؟ وجزاكم اللهُ خيرًا. وجزاكم اللهُ خَيْرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن السنةَ كما لا يخفى هي أقوالُه وأفعاله وتقريراته ﷺ، أمَّا تَرْكه ﷺ فإنه يكون سنةً إذا توافر الـمُقتضِي وانتفى المانع، أي إذا وُجد الـمُقتضي للفعل وانتفى المانع منه ثم لم يفعله ﷺ فعندئذٍ يكون تَرْكُه سنةً.
والبدعة هي كلُّ ما أُحدث في الدِّينِ على خلاف هَدْيه ﷺ، فهي كما قال الشاطبيُّ: «طريقةٌ مُخترَعة في الدِّينِ تُضاهي الشَّرْعية يُقصد بالسلوك عليها المبالغةُ في التعبد لله عز وجل »(1).
وكلُّ ما كان من هذا القبيل فهو مذمومٌ؛ لقوله ﷺ: «وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(2).
ومِن البدع ما يكون أصلُه سنة، ولكن الابتداعَ يأتي في تخصيصه بوقتٍ أو مكانٍ معين تقصدًا إلى ذلك، واعتقادًا بأفضليته في ذلك الوقت أو في ذلك المكان على غيره، ومن الأمثلة على ذلك أن قيامَ الليل سنة، أمَّا تخصيصُ ليلةٍ بعينها واعتقادُ أفضلية القيام في هذه الليلة على غيرها من الليالي، فإن مثل هذا التخصيص لا يكون إلا بتوقيفٍ من صاحب الشَّريعة ﷺ، أمَّا ما يكون من ذلك عَرَضًا دون تقصُّدٍ فلا ابتداع فيه.
ومن أجمل الكتب وأنفعها في هذا المقام كتاب «الاعتصام» للشاطبي :. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «الاعتصام» (1/37).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الجمعة» باب «تخفيف الصلاة والخطبة» حديث (867) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه .