السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخي المكرم الدكتور صلاح،بعثت لحضرتكم بسؤال (email )عن اولوية صلاة الجنازة ام السنة الراتبة بعد الصلاة المفروضة حيث ان معظم الناس يغادرون المسجد على عجل خاصة بعد صلاة الجمعة .
ما الاولى صلاة الجنازة اولا
ام السنة الراتبة خاصة بعد صلاة الظهر أو الجمعة؟
افيدونا حفظكم الله
الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذه المسالة من مسائل النظر والاجتهاد عند أهل العلم:
- فمنهم من ذهب إلى أن الأولوية لصلاة الجنازة، فإذا اجتمعت صلاة الجنازة مع صلاة السنة فالأولى تقديم صلاة الجنازة على صلاة السنة، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإسراع بالجنازة، ولأن وقت الراتبة فيه متسع ويشرع قضاؤها عند كثير من الفقهاء، وإلى هذا ذهبت أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصرية،
فقد سئلت: إذا اجتمعت صلاة الجنازة مع صلاة السنة أيهما يقدم؟ صلاة الجنازة
فأجابت:(( إذا اجتمعت صلاة الجنازة مع صلاة السنة فالأولى تقديم صلاة الجنازة على صلاة السنة، فقد قال الحصكفي في “الدر المختار”: [يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ وَالْكُسُوفِ حَتَّى عَلَى الْفَرْضِ مَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ، فَتَأَمَّلْ]، وقال ابن عابدين في “رد المحتار على الدر المختار” (2/ 167): [(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: اجْتَمَعَتْ جِنَازَةٌ وَسُنَّةٌ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ؛ وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَجُمُعَةٌ أَوْ فَرْضُ وَقْتٍ لَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْفَرْضِ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَإِلَّا فَالْكُسُوفُ؛ لِأَنَّهُ يَخْشَى فَوَاتَهُ بِالِانْجِلَاءِ، وَلَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ وَجِنَازَةٌ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْجِنَازَةِ، وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَ فَرْضٍ وَجُمُعَةٍ وَلَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ].
وقال النووي في “المجموع شرح المهذب” (5/ 56): [لَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَكُسُوفٌ أَوْ عِيدٌ قَدَّمَ الْجِنَازَةَ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ تَغَيُّرَهَا. قال أصحابنا: ويشتغل الإمام بعدها بالصلاة الأخرى ولا يشيعها، بل يشيعها غيره، فإن لم تحضر الجنازة أو أحضرت ولم يحضر الولي أفرد الإمام جماعة ينتظرونها، واشتغل هو والناس بالصلاة الأخرى، ، وَلَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ قُدِّمَتْ الْجِنَازَةُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ].
وفي رد المحتار على الدر المختار في الفقه الحنفي: ولو اجتمع عيد وكسوف وجنازة ينبغي تقديم الجنازة، وكذا لو اجتمعت مع فرض وجمعة ولم يخف خروج وقته. إلى ان قال: إذا اجتمع الكسوف والجنازة بدئ بالجنازة لأنها فرض وقد يخشى على الميت التغير. انتهى.
- وذهب آخرون إلى تقديم الراتبة على صلاة الجنازة لأن السنة الراتبة آكد، ولأن التاخير اليسير لا يضر، إذا كان هناك سبب شرعي يدعو إليه تأخير الدفن، ومن ذلك انتظار أهل الميت وانتظار الولي، ويقاس عليه تمكين المسبوقين من استكمال الفريضة والمشاركة في الصلاة على الميت، وتمكين سائر المصلين من أداء السنة الراتبة، ذلك أن التأخير المحذور هو الذي يخشي منه على الميت التغير، وهذا يفهم عند النظر إلى أقوال الذين يقدمون صلاة الجنازة، ومدة صلاة الراتبة مدة يسيرة لا يترتب عليها هذا المحذور، وقد جرى العمل أن أهل الميت الذي قد يتوفى بالليل ينتظرون ساعات بل ربما إلى نصف النهار دون نكير من أحد. فلماذا يشتد النكير على هذا التأخير اليسير من أجل صلاة النافلة؟ وربما تحققت بهذا التأخير منفعة تكثير عدد المصلين على الجنازة، فإنه وإن كان الإسراع في تجهيز الميت من غسل وتكفين وصلاة ودفن أمر مطلوب شرعاً، ولكن تكثير المصلين مرغب فيه كذلك
ومن ناحية أخرى فإنه يشرع لمن حضر بعد انقضاء صلاة الجنازة وقبل رفعها أن يصلوا عليها مرة أخرى، وفي هذا تاخير آخر مرخص فيه، قال ابن قدامة في المغني: وأما من أدرك الجنازة ممن لم يصل عليها فله أن يصلي عليها. انتهى.
، قال العلامة ابن نجيم أحد كبار فقهاء الأحناف:
وفي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَلْخِيّ: إن الْفَتْوَى على تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عن سُنَّةِ الْجُمُعَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ فَعَلَى هذا تُؤَخَّرُ عن السنة الراتبة لِأَنَّهَا آكَدُ.
ومحل هذا الخلاف إذا لم يخش على الميت التغير، فإذا خشي عليه من التغير قدمت صلاة الجنازة بالإجماع، وكان التعجيل بالدفن مقدم وجوبا على السنة البعدية نظرا لوجوب مراعاة حرمة الميت، ولأن السنة الراتبة غير واجبة والواجب مقدم على السنة.
والذي ظهر لي أن الأمر في ذلك واسع، وأنه يشرع كلا الوجهين، وإذا لم يكن من التأخير حرج فالجمع بين المحافظة على كل من السنة الراتبة وتشييع الجنازة خير من المحافظة على أحدهما والمجازفة بالآخر، ومن اختار أحد الوجهين لا ينكر عليه، كما هو الشأن في سائر المسائل الاجتهادية، وهذا هو اختيار لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية فقد ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية يقول فيه صاحبه: “عند اجتماع صلاة الجنازة مع سنة الظهر البعدية كيف يكون الترتيب” ؟ .
وجاء رد اللجنة قائله: فلا حرج أن يُصلى على الجنازة عقب صلاة الظهر مباشرة أو عقب صلاة السنة البعدية، ولا يعد هذا من قبيل التأخير للجنازة، لكن الأهم أن يكثر عدد المصلين على الجنازة لعل الله عز وجل يشفعهم فيها قال صلى الله عليه وسلم ” ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا، لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه”.
والله تعالى أعلى وأعلم