أتى وقت صلاة المغرب جماعة وكنت أرتدي «شورت» فوق الركبة بقليل، فلو ذهبت لتغييره انتهت صلاة الجماعة، فهل أصلي مع الجماعة أم أصليها منفردًا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن من شروط صحة الصلاة ستر العورة بلباس طاهر، والفَخِذ عورة عند جماهير أهل العلم، فهو قول مالك(1)، والثوري، وأبي حنيفة(2)، والأوزاعي، والشافعي(3)، وأحمد في المشهور عنه(4).
وذلك لحديث جُرْهُد من رواية مالك: عن أبي النضر، عن زُرْعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه قال: كان جرهد من أصحاب الصُّفَّة(5). قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفَخِذي منكشفة، فقال: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ؟»(6).
ولغير ذلك مما ورد في هذا الباب بمعنى هذا الحديث.
فاذهب لتغيير ملابسك، وأدِّ الصلاة مستوفٍ شرائط صحتها، واعلم أنه كما لا يجوز لك كشف عورتك في الصلاة لا يجوز لك كشفها خارجها؛ لحديث بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا نبي الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نَذَر؟ قال: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»(7).
فانتبه لذلك مستقبلًا، زادك الله حِرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) وجاء في «الفواكه الدواني» من كتب المالكية (1/128-130): «قال ابن عمر: الفخذ عورة حقيقة يجوز كشفها مع الخاصة ولا يجوز كشفها مع غيرها».
وجاء في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» من كتب المالكية (1/122): «وسبب الخلاف في ذلك أثران متعارضان كلاهما ثابت: أحدهما حديث جرهد أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: الفخذ عورة. والثاني: حديث أنس أن النبي- صلى الله عليه وسلم- حسر عن فخذه، وهو جالس مع أصحابه. قال البخاري: وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط، وقد قال بعضهم: العورة الدبر، والفرج، والفخذ».
(2) جاء في «تبيين الحقائق» من كتب الحنفية (1/96-97): «(قوله: والفخذ عورة) أي فخذ الرجل عورة».
وجاء في «فتح القدير» من كتب الحنفية (10/26-29): «والفخذ عورة خلافا لأصحاب الظواهر».
وجاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (6/364-366): «والفخذ عورة خلافا لأصحاب الظواهر».
(3) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (3/172-176): «وتقدم ذكر الأحاديث في أن الفخذ عورة».
(4) جاء في «كشاف القناع» من كتب الحنابلة (1/265): «غط فخذك فإن الفخذ عورة رواه مالك وأحمد وغيرهما».
وجاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (1/316-319): «وقال الطحاوي : وقد جاءت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- آثار متواترة فيها: أن الفخذ عورة، ولم يضادها أثر صحيح».
(5) أصحاب الصفة هم: الفقراء الغرباء الذين كانوا يأوون إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكانت لهم فى آخره صفة، وهو مكان منقطع من المسجد مُظلَّل عليه يبيتون فيه. قاله إبراهيم الحربي والقاضي. وأصله من صفة البيت وهي شيء كالظلة. انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» (13/47).
(6) أخرجه أبو داود في كتاب «الحمام» باب «النهي عن التعري» حديث (4014)، والترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء أن الفخذ عورة» حديث (2795)، والدارمي في كتاب «الاستئذان» باب «في أن الفخذ عورة» حديث (2650)، وقال الترمذي: «حديث حسن ما أرى إسناده بمتصل».
(7) أخرجه أبو داود في كتاب «الحمام» باب «ما جاء في التعري» حديث (4017)، والترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء في حفظ العورة» حديث (2794)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «التستر عند الجماع» حديث (1920). وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».