هل لبس الأحجار الكريمة أو حملها أو تعليقها كالزمرد والياقوت والألماس لأجل دفع الأرواح الشريرة وجلب الحظ: هل في ذلك من حرج؟ وهل يجوز كتابة آيات وسور من القرآن لأجل نفس الغرض؟ هل فيه مخالفة شرعية؟
وأنا أسأل هذا السؤال؛ لأنني أحس كأن هناك شيئًا يحول بيني وبين ما أريد أن أصل إليه من أمورٍ فيها مصلحة لي، المهم أن هناك عوارض من الأرواح الخبيثة لا شك في ذلك، وأنا دائمًا أقرأ سورًا من القرآن كسورة الواقعة وسورة الملك وأوائل سورة البقرة، غير أن ذلك لم يُجْدِ شيئًا، وأريد منكم- جزاكم الله خيرًا- أن تُرشدوني إلى حل يناسب حالتي. أجيبوني.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يحل تعليقُ الأحجار الكريمة ولا غير الكريمة بقصد دفع الأرواح الخبيثة ولا غيرها؛ لأنه لا يسوق الخيرَ إلا الله، ولا يصرف السوء إلا الله، وأن مَن تعلق تميمة فلا أتم الله لَه(1)، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ»(2).
وقال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ(3) شِرْكٌ»(4).
وقد دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على امرأة، فرأى عليها خرَزًا من الحمرة فقطعه قطعًا عنيفًا، ثم قال: إن آل عبد الله عن الشرك أغنياء. وقال: كان مما حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ»(5). وتعليقُ التمائم من الآياتِ أو من الأحاديث أو الأدعية المأثورة موضعُ خلافٍ بين أهلِ العلم، والاحتياط تركُه قطعًا للذريعة إلى تعليق ما لا يحلُّ من ذلك.
فاصدق اللَّجْءَ إلى الله، وأحسن الظَّنَّ به، واضرع إليه في خلواتك أن يصرف عنك السوء، وتحرَّ في دعواتك أوقات الإجابة، واستدم الذكر والطهارة.
وأسأل الله أن يُريك من لطائف رحمته ما تقرُّ به عينُك بإذن الله. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) فقد أخرجه أحمد في «مسنده» (4/154) حديث (17440) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلاَ أَتَمَّ الله له، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلاَ وَدَعَ الله له».
(2)رواه أحمد (4/156)، وذكره الألباني في «الصحيحة» برقم (492).
(3) شَيْء يُشْبِهُ السحْرَ يُحَبِّبُ الـمَرْأةَ إلى زَوْجِها. «المحيط في اللغة» للصاحب بن عباد: (تول).
(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 381) حديث (3615)، وأبو داود في كتاب «الطب» باب «في تعليق التمائم» حديث (3883)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «تعليق التمائم» حديث (3530)، والحاكم في «مستدركه» (4/ 241) حديث (7505)، عن زينب امرأة عبد الله، عن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ». قالت: قلت: لِمَ تقول هذا؛ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلانٍ اليهودي يرقيني، فإذا رقاني سكنت، فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقاها كفَّ عنها، إنما كان يكفيكِ أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا»، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
(5) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (4/241) حديث (7505). وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي، وذكره الألباني في «الصحيحة» (331).