هل يجوز أن أذهب إلى صالون تُديره امراة بهائية المذهب وتضع المكياج لي وتسرح شعري؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
اختلف أهل العلم في عورة المسلمة مع غير المسلمة: فذهب جمهورهم(1) إلى أن عورة المسلمة مع غير المسلمة كعورتها مع الرجل فلا ترى منها إلا الوجه والكفين، واستدلوا بقوله تعالى في ذكر من يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمامهم ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: 31] وقالوا: إن المراد بهنَّ خصوص النساء المسلمات، أي المختَّصات بهنَّ في الصحبة والأخوَّة في الدين، وعلى هذا فلا يحلُّ للمسلمة أن تُبدي شيئًا من زينتها الباطنة لغير المسلمة.
وخالف في ذلك آخرون فقالوا: المراد بهن: عموم النساء، بلا فرقٍ بين المسلمات والكافرات، فيجوز للمرأة المسلمة أن تُبدي من زينتها للمرأة الكافرة ما يحلُّ لها أن تبديه للمسلمة، وهو مذهب الحنابلة(2) ووجه عند الشافعية(3) وبعض المالكية(4)، ومما استدلوا به على ذلك ما يلي:
– وجود المجانسة: فالناظر والمنظور إليه كليهما من النساء، ولهذا تغسل المرأة المرأة بعد موتها كما يغسل الرجل الرجل بعد موته.
– ليس في نظر المرأة إلى المرأة خوف الشهوة، أو الوقوع في الفتنة غالبًا، والغالب كالمتحقق، كما ليس ذلك في نظر الرجل إلى الرجل، ولكن إذا خافت الشهوة، أو الوقوع في الفتنة فعليها أن تجتنب النظر.
– غير المسلمات قد كنَّ يدخلن على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن يحتجبن، ولا أمرن بالحجاب منهن.
– ضرب الحجاب على المرأة المسلمة بالنسبة للرجل لمعنى معروف، وهو خوف الشهوة والفتنة، وهذا المعنى لا يوجد بين المسلمة ونظرة الكافرة إليها.
ولعل هذا القول كما قال الآلوسي أرفق بالناس اليوم، فإنه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الذميات.
وعلى هذا فلا حرج في أن تتولى غير المسلمة تمشيط المرأة المسلمة والاعتناء بزينتها، شأنها في ذلك شأن المسلمة. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (7/105-106): «عن أحمد رواية أخرى: أن المسلمة لا تكشف قناعها عند الذمية، ولا تدخل معها الحمام. وهو قول مكحول وسليمان بن موسى لقوله تعالى ﴿أو نسائهن﴾».
وجاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (8/24-25): «وعنه : لا ينظر الكافرة من المسلمة ما لا يظهر غالبا. وعنه : هي معها كالأجنبي. قدمه في الهداية، والمستوعب، والخلاصة، والرعايتين، والحاوي الصغير. وقالوا: نص عليه. وقطع به الحلواني في التبصرة».
وجاء في «حاشيتي قليوبي وعميرة» من كتب الشافعية (3/212): «(والأصح بتحريم نظر ذمية إلى مسلمة) ».
(2) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (7/105-106): «وحكم المرأة مع المرأة حكم الرجل مع الرجل سواء، ولا فرق بين المسلمتين، وبين المسلمة والذمية، كما لا فرق بين الرجلين المسلمين، وبين المسلم والذمي».
وجاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (8/24-25): «وأما الكافرة مع المسلمة، فالصحيح من المذهب: أن حكمها حكم المسلمة مع المسلمة. جزم به في الوجيز وغيره. وقدمه في المغني والشرح، ونصراه، وصححه في الكافي. وقدمه في المحرر، والفروع، والفائق، وغيرهم».
(3) جاء في «حاشيتي قليوبي وعميرة» من كتب الشافعية (3/212): «والثاني لا يحرم نظرا إلى اتحاد الجنس».
(4) جاء في «شرح مختصر خليل للخرشي» من كتب المالكية (1/246-247): «الأحسن أن يقال: إن عورتها مع الكافرة كعورتها مع المسلمة غير أنه يحرم عليها أن تكشف لها أزيد من الوجه والكفين؛ لأنه لا يلزم من حرمة الكشف كونه عورة».