من فضلكم أريد أن أستشيركم إذا كان من المسموح لباس المنامة من سروال طويل وقميص قصير فوق الأرداف في المنزل أمام المحارم؟ علمًا أنها ليست شفافة.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ ونحوه هي البدن كله إلا ما يظهر غالبًا كالوجه والشعر والرقبة والصدر والذراعين والقدمين، فقد قال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾ [النور: 31] فأباح الله تعالى للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها (زوجها) ومحارمها، والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق.
قال أبو بكر الجصاص : في تفسيره: «ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع. فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع، وهي مواضع الزينة الباطنة؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة. وروي عن ابن مسعود والزبير: القرط والقلادة والسوار والخلخال. وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج»(1). انتهى.
وقال البغوي: «قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ﴾ [النور: 31] أي: لا يُظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال، والخضاب في الرِّجْل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة»(2). انتهى.
وقال في «كشاف القناع» (5/11): «ولرجل أيضًا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه. قال القاضي على هذه الرواية: يباح ما يظهر غالبًا كالرأس واليدين إلى المرفقين»(3). انتهى.
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها. قال القرطبي: «لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنَّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها. وتختلف مراتب ما يُبدَى لهم، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج»(4). انتهى.
ومما سبق يعلم الجواب، حيث لا اطلاع لي على لبس النساء في المنامة، ولكن أرجو أن يعلم مما سبق، وإن كان الظاهر جوازه إذا لم يكن السروال ضيقًا محددًا للعورة. والله تعالى أعلى وأعلم.
_______________________
(1) «أحكام القرآن» للجصاص (5/174).
(2) «أحكام القرآن» للجصاص (5/174).
(3) «كشاف القناع» للبهوتي (5/11).
(4) «تفسير القرطبي» (12/232).