أريد أن أعرف: هل الجورب مفروضٌ على المرأة المتحجِّبة حجابًا شرعيًّا، أم لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن الواجبَ في الحجاب الشَّرعي هو ستر القدمين، وسواء أكان ذلك بجوربٍ أو بغيره؛ لأن القدم عورة في الصحيح من قولي العلماء، ومن الأدلة على ذلك: ما صحَّ عن ابن عمر رضي عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  قال: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النِّساء بذيولهن؟ أي: ما يُـجَرُّ على الأرض من ثيابهن، قال: «يُرْخِينَ شِبْرًا». قالت: إذن تنكشفَ أقدامُهن! قال: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا وَلَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ»(1).
وهذا دليلٌ بيِّن، وقد استشهد به النوويُّ وغيرُه على أن القَدَمين عورةٌ لا يجوز أن تنكشف أمام الرِّجال، وفي واقعنا المعاصر يمكن لبس الجوارب للستر بدلًا من جرِّ الثَّوب ذراعًا على الأرض، وما رُوي عن أمَّ سلمة أنها سألت النَّبيَّ: أتصلِّي المرأةُ في دِرْعٍ- أي: قميص- وخمارٍ- غطاء الرأس- ليس عليها إزار؟ فقال: «لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ الدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا»(2).
ولقد أخرجه مالكٌ موقوفًا في كتابه «الموطأ»: عن محمد بن زيد بن قنفذ، عن أمِّه: أنها سألت أمَّ سلمة زوجَ النَّبيِّ: ماذا تصلِّي فيه المرأة من الثِّياب؟ فقالت: تُصلِّي في الخمار والدِّرع السَّابغ، إذا غَيَّب ظهورَ قدميها(3). ورجَّح هذه الرِّواية الحافظ ابن حجر وقال: إنه الصَّواب.
وإذا كانت هذه الأدلة على سترها في الصلاة فسترها خارج الصلاة من باب أولى.
زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) أخرجه الترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في جر ذيول النساء» حديث (1731) وقال: «حديث حسن صحيح».

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «في كم تصلي المرأة» حديث (640)، والحاكم في «مستدركه» (1/380) حديث (915)، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.

(3) أخرجه مالك في «موطئه» (1/142) حديث (324).