حول دعوة العلمانيين إلى خلع الحجاب في مصر

سمعنا عن دعوة إلى خلع الحجاب في مصر في ميدان التحرير. ما هو حكم هذه الدعوة ومن يلبيها؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه دعوة يعلم القاصي والداني وكلُّ مسلم غيرُ مغلوب على عقله أنها انقلاب على الإسلام، وثورةٌ على النبُوَّة، ومراغمة لحكم الله عز وجل، ومُشاقَّةٌ لله ورسوله، واتباعٌ لغير سبيل المؤمنين، وقد قال تعالى:﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
فقد جاء الحديث عن الحجاب في كتاب الله عز وجل وفي صحيح سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانعقد على ذلك إجماعُ المسلمين في المشارق والمغارب. ومن الأدلة على ذلك:
قوله تعالى‏: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].
وقوله تعالى‏: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].
وقوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب: 33].
فهذا خطاب من الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء المؤمنين تَبعٌ لهن في ذلك. وإنما خص الله سبحانه نساءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالخطاب؛ لشرفهن، ومنزلتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهن القدوةُ لنساء المؤمنين، ولقرابتِهن من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النِّساء بذيولهن؟ أي: ما يُجَرُّ على الأرض من ثيابهن، قال: «يُرْخِينَ شِبْرًا». قالت: إذن تنكشفَ أقدامُهن! قال: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا وَلَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ»(1).‏ ففي هذا الحديث دليلٌ على وجوب سترِ قدم المرأة وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، وسائر البدن أولى بالستر من القدم.
والأدلة على ذلك مستفيضة، فمن دعا إلى مراغمة النصوص ومشاقَّة الله رسوله وإبطالِ ما نطق به الوحيُ صريحًا وانعقد عليه الإجماع صحيحًا- فليس من الله في شيء، وسيرد إلى ربه فيعلم!
فلا تحلُّ المشايعة على هذا الباطل بقولٍ أو عمل، نعوذ بالله من مُضلات الفتن، ونسأل الله الثبات على الحق والعزيمة على الرشد. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في جر ذيول النساء» حديث (1731) وقال: «حديث حسن صحيح».

تاريخ النشر : 29 سبتمبر, 2025

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend