مشايخنا الكرام, حفظكم الله, أخٌ في الله من طلبة العلم, يعاني من إحباط شديد ويطلب النصيحة، يقول: إنه سوري قد ترك مصر، وكان يدرس التاريخ في العام الأخير، ونظرًا لظروف أهله المادية قرر السفر إلى بريطانيا, فعمل، وخلال إقامته حصل على إجازة في بعض أحاديث البخاري، ودبلومة في الشريعة على الإنترنت، ثم صُدم بعد حصوله عليها بأنها غير معتمدة، فحصل له إحباط شديد، فلا هو أكمل الشهادة الجامعية، ولا حصل على دبلومة في الشريعة.
الأمر الآخر أنه إذا أراد أن يدرس الشريعة في دولة عربية فهذا معناه السفر وعدم العمل وترك أهله وأولاده بدون دخل، والمساجد في هذه البلدة من دون مبالغة مليئة بالعوام الذين سموا أنفسهم شيوخًا، إلا مسجدين بفضل الله، وهو يظن أنه من دون الشهادة لن يكون له تأثير على الناس في الدعوة؛ لأنهم يسألون عن الشهادة، أو أن يكون معه مال ومدعم من أفراد. فما نصيحتكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن نصيحتنا له أن يتقي الله ما استطاع، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وُسعها(1)، وقد تعبَّده الله تعالى بطلب العلم والدعوة إليه جل جلاله ، كما تعبده بإعاشة أهله وألا يَدَعهم يضيعون، ولم يتعين العمل في مجال الدعوة طريقًا للتكسب، ولكن إذا أتيح له ذلك فبها ونعمت، وإلا التمس ما يعينه وعائلته من الأعمال الأخرى المشروعة والمناسبة، وجعل عمله الدعوي حِسبة لوجه الله عز و جل ، وساعتها لن يجد هذه الضغوط التي يتعرض لها عندما يطلب العمل الدعوي باعتباره وظيفة يتكسب بها ويقيم منها أَوْده. ونسأل الله جل وعلا أن يهيئ له من أمره رشدًا، وأن يحمله في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
قال تعالى:﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [البقرة: 286]