ما هي ضوابط خروجُ المعتدَّة من وفاة، حيث اختلفت الفتاوى، فمن قائل بالمنع مطلقًا إلا للحاجة نهارًا والضرورة ليلًا، ومن قائل بجواز الخروج مطلقًا. لكن اشترط المبيت في البيت. و جزاكم الله عنا كُلَّ خيرٍ.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
أما عن خروج المعتدة من وفاة: فإنها تخرج نهارًا لحاجة، ومنها الخروج إلى الدراسة أو الامتحانات أو العمل، أو التسوُّق ونحوه إذا لم يكفِها أحدٌ ذلك، ولا تخرج ليلًا إلا لضرورة.
ومن الأدلة على جواز خروج الحادَّة لما تدعو إليه الضرورةُ أو الحاجة ما رواه مسلمٌ في «صحيحه» عن جابر رضي الله عنه قال: طُلِّقَت خالتي فأرادت أن تجدَّ نخلها، فزجرها رجلٌ أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا»(1).
قال ابن قدامة في «المغني»: ((وللمعتدة الخروجُ في حوائجها نهارًا، سواء كانت مُطلَّقَةً أو متوفى عنها زوجُها. قال جابر: طُلِّقت خالتي ثلاثًا، فخرجت تجُذُّ نخلها، فوجدها رجل فنهاها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَكِ لَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا». رواه النسائي، وأبو داود(2).
وروى مجاهد، قال: استُشهِد رجالٌ يومَ أحُدٍ فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلن: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نستوحش بالليل، أفنبيتُ عند إحدانا، فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَحَدَّثْنَ عِنْدَ إِحْدَاكُنَّ، حَتَّى إِذَا أَرَدْتُنَّ النَّوْمَ، فَلْتَؤُبْ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى بَيْتِهَا»(3). وليس لها المبيت في غيرِ بيتها، ولا الخروج ليلًا، إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد، بخلاف النهار، فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش، وشراء ما يحتاج إليه))(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الطلاق» باب «جواز خروج المعتدة البائن والمتوفي عنها زوجها في النهار لحاجتها» حديث (1483).
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في المبتوتة تخرج بالنهار» حديث (2297)، والنسائي في كتاب «الطلاق» باب «خروج المتوفى عنها بالنهار» حديث (3550)، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2297).
(3) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (7/436) حديث (15289).
(4) «المغني» (8/163).