رجعة الزوج مطلقته من غير علمها قبيل انتهاء العدة

طلق (ك) زوجته ثلاث مرات، فتزوَّجت من (ش) الذي طلَّقها بعد فترة قصيرة فعادت للأول (ك)، وكإذلال وعقابٍ لها على زواجها من(ش) طلَّقها بعد العودة لعصمته بيوم واحد، وقبل انتهاء العدة بأربعة أيام ردَّها دون علمها، فرفض أخوها مفتيًا بعدم جواز عودتها لعصمته بعد تلك الطَّلقة حتى لو تزوَّجت من عشرة رجال، فأفتى الزَّوْج بجواز ذلك لأنها بزواجها من (ش) أعاد له أعداد الطَّلاق، أي المرات الثلاث، كأي زواج عادي، فأخذها عنوة، وللآن- بعد انقضاء مدة أربعة وعشرين يومًا- تمتنع عن معاشرته حتى تتأكَّد من موقفها شرعًا.
فأيهما الصواب؟ فإذا كان الزَّوْج على حقٍّ: هل بامتناعها عنه تلك الفترة انقضتِ العدة ولا يحقُّ مراجعتها إلا بعقدٍ جديد، أم تُعتبر ناشزًا تلعنها الملائكة؟ ولم يحقُّ للزوج مراجعةُ مُطلَّقته في العدة دون علمها أو موافقتها، أليس ذلك إهانة للمرأة وانتقاصًا من قدرها؟
أفتونا وفَّقكم الله، ورزقكم فردوسه، دون سابقة عذاب أو مناقشة حساب.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
إن المطلقة ثلاثًا إذا نكحت رجلًا آخر ثم طلَّقها ثم تزوَّجها زوجها السابق مرة أخرى فإنها تعود إليه بعصمة جديدة ويملك عليها ثلاث طلقات.
وتعمُّده تطليقها على سبيل الإهانة والإذلال والانتقام مُنكَر وبَغْيٌ، وسوف يُوقفه ربُّه ويسأله عنه، فَلْيُعِدَّ للسؤال جوابًا.
وما كان ينبغي له أن يُراجعها دون أن يُعلمها، بل كان يجب عليها إعلامها بردِّها إلى عصمته، فقد قال ربي جل وعلا في الرجعة: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: 2]
وينبغي أن يقصد بالرجعة الإصلاح لا المضارة؛ لقوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾  [البقرة: 228]
وما كان ينبغي لها أن تمتنع عن معاشرته طوال هذه الفترة، وأهل العلم متوافرون، ويُمكنها الوصول إليهم كلمحٍ بالبصر: بالهاتف وبالنت وبغير ذلك من وسائل الاتصال السريعة المعاصرة.
ولا يلزم في الرجعة أن تكونَ بالوطء، بل إن الرجعة تقع بالقول أو بالفعل، فمتى قرَّر الزَّوْج الرجعة وتلفَّظ بذلك أو ضمَّ زوجته إليه بعد أن كان مفارقًا لها أو باشرها بالوطء أو بمُقدماته- فإن كلَّ ذلك يُعتبر رجعة، فلا وجه للقول بأن امتناعها عنه طوال هذه الفترة يعني انقضاء العدة.
ووصيتنا لهذين الزوجين المتهاجرين المتغاضبين أن يتَّقوا الله عز وجل ، وأن يعلموا أن للحياة الزوجيَّة طريقين لا ثالث لهما: فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان.
ونسألُ اللهَ أن يقذف المحبة بينهما والهدى في قلوبهم. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   10 العدد

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend