أرجو من فضيلتكم إيضاح هذا الأمر؛ لأنني في حيرة.
فأنا أبلغ من العمر 34 عامًا، ومتزوج، ولي بنتان، وأعمل في شركة مختلطة بها قسمان للكحولي والآخر غير الكحولي. وأنا أعمل في القسم غير الكحولي.
وسؤالي عبارة عن جزأين أرجو فيهما الإيضاح:
1- بحكم أنني أعمل في القسم غير الكحولي، فأنا مسئول في مخزن قد أتعرَّض في بعض الأحيان إلى أن يُطلَب مني إرسال «وِنْش» للتحميل، وذلك للعمل بالقسم الكحولي، على الرغم من أنني أرفض ذلك قلبًا وقالبًا، إلا أنه من صميم العمل أن يتمَّ موافقتي ليسمح بخروج الونش؛ لأنه ونش خاص بالشركة ككل.
وقد يحدث عطلٌ في أيِّ قسمٍ، هذا أو ذاك، فيستعين أيٌّ من القسمين بالونش الموجود بالقسم الآخر، وبالتالي فقد أحتاج أنا في قسمي فأستعين بالونش الموجود بالقسم الكحولي لأنفذ عملي، وقد يحتاج من يعملون بالقسم الآخر ذلك فيطلبونه مني.
2- طبيعة العمل في المواد الغذائية نتعرض بها لحضور مسئول الصحة لأخذ عينات، وأنا أعطيهم العينات، ولكن في نفس الوقت تصرح الشركة لكل مسئول بالمخزن بصرف بعض الكراتين بصفة هدايا تُخصم من أرصدة المخزن في كل زيارة؛ وذلك لتجنب إحداث مشاكل مع مسئول الصحة.
وأنا حتى الآن أُعطَى العينات فقط ولا أوافق على إعطائهم أيَّ شيءٍ، ومشكلتي مع مديري في العمل أنه يقول: إن ذلك الأمر مُصرَّح به من قِبَل الشركة، سواء لي أو لغيري؛ لأننا لو استخدمنا معهم العمل الطبيعي دون صرف هدايا سيقع ضررٌ في كل الأحوال على الأشخاص الموجودين بالمخزن الذين يقومون بالتوقيع على تلك العينات. ومَنْع ذلك الضرر مع كل موظف سيؤدي إلى التوقيع.
فالشركة تفعل ذلك عرفًا لتجنُّب المشاكل، وهذا الأمر يتم أيضًا مع إدارة الغش التجاري وجهات أخرى، وأنا الوحيد المخالف لسياسة الشركة، إلا أنني أواجه الأزمات من الموظفين؛ لأنني بالنسبة لهم المتسبب في وَقْع الضرر عليهم.
بالله عليكم أفيدوني في السؤالين الموجهين لفضيلتكم على وجه السرعة؛ لأنه ليس لي سبيل في كَسْب المال إلا وظيفتي فقط بعد توكُّلي على الله، وليس لي الآن أي سبيل للعمل في أي مكان آخر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإذا كان الأصل في عملك أنه في القسم غير الكحولي من الشركة، وكان ما تتعرض له من الاضطرار إلى إرسال ونش إلى القسم الآخر يتخذ طابع الندرة، ولا تستطيع دفعه بحكم مسئوليتك وقد سألتهم أن يولوا هذه المهمة أحدًا غيرك فلم يستجيبوا لك، وكنت كارهًا لهذا ومنكرًا له، فأرجو أن يسعك عفو الله ، وقد يُيسِّر الله لك بديلًا يُخرجك من هذا المجال بالكلية.
أما بالنسبة لسؤالك الثاني: فلا شك أن هدايا العمال غُلُول(1)، وأن الله قد لعن الراشي والمرتشي(2)، ولكن إذا تعيَّنت الرشوة لدفع مظلمة لا تُدفَع إلا من خلالها، أو تعينت لاستخلاص حقٍّ لا يستخلص إلا من خلالها، فتُصبح رخصةً من جانب الباذل لها، وحرامًا من جانب آخذها.
وظني أنه في مقدورك أن تسألهم أن يُحيلوا هذه المهمة إلى غيرك يتولى إنفاذ ما يريدون على مسئوليتهم وحسابهم على الله .
زادك الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/424) حديث (23649) من حديث أبي حميد الساعدي، وحسن إسناده ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/430).
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/164) حديث (6532)، وأبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في كراهية الرشوة» حديث (3580)، والترمذي في كتاب «الأحكام» باب «ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم» حديث (1337) من حديث عبد الله بن عمرو . وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (3753).