كُفر من أراد دوام الكفر

بثت قناة العربية لقاءً بين أحد العلماء وبين أحد موظفيهم، ومن ضِمن ما ذكره الشيخ قوله: وكل من أرادَ دوامَ الكفر كفَر. ليه؟ لأنه شرح بالكفر صدرًا. قال تعالى: ﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: 106]. كلُّ من أرادَ لهم الكُفر ولو للحظات كفَر حتى الفقهاء، يقولوا إيه: لو أن رجلًا جاء للخطيب وهو يخطب في المسجد وقال له: لقِّنِّي كلمة الإسلام. فقال له الخطيب: انتظر حتى أفرغ من خطبتي. كفَر الخطيب.
ليه؟ لأنه أراد به الكفر. ولو للحظات.
السؤال: هل فعلًا يكفر الخطيب في هذه الحالة؟ وهل ذلك محلَّ إجماع أم خلاف؟ جزاكم الله خيرًا، ونفَع بكم الإسلام والمسلمين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد فرَّق أهل العلم في هذا الباب بين الإطلاق والتعيين، فقد يرد في عباراتهم: من فعل كذا فقد كفَر. أو من قال كذا فقد كفَر. فيُسلَّم بهذا كقاعدة عامة، لكن المعيَّن ممن يفعل هذا الفعل، أو يقول هذا القول- لا يُحكم عليه بكفرٍ حتى يثبت في حقِّه تحقق شروط التكفير من العلم والقصد ونحوه، وانتفاء موانعه من الجهالة والتأويل والإكراه ونحوه، فمَن قصَد إلى بقاء الكُفرِ عالمًا عامدًا بغير تأويل ولا إكراهٍ، وأقيمت عليه الحُجَّة الرساليَّة التي يكفر معاندها، فهذا هو الذي ينطبق عليه قول الخطيب، إذا انتقلنا من الإطلاق إلى التعيين.
والعبارات الـمُطلقة إنما تكون غالبًا في مقام الزجرِ والتَّرهيب ونحوِه، أما التعيين واستيفاء تحقق الشروط وانتفاء الموانع فإنما يكون في مقام القضاءِ، فلابد من استيفاء هذه الضوابط القضائية قبل التهجُّم على إهدار العصمة، واستباحة الدماء، وأُحبُّ أن يحتاط أهلُ الدين لعباراتهم وتصريحاتهم في هذه الأيام، فهناك توظيفٌ إعلامي خبيث لمثل هذه الإطلاقات، تشنه الغارة على الدعاة وحملة الشريعة، والعاقل من عرف زمانه. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   09 نواقض الإيمان., 15 الحدود

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend