حول طهارة عصير العنب بعد غليانه وفقده الثلثين

أتعالج من الوسوسة بأمور الدين والحمد لله أتقدم في العلاج، لكن يدور بخلدي سؤالان أتمنى إجابتك عليهم مشكورًا:
١- أعلم أن عصير العنب أو أي عصير آخر عند غليانه يحرم حتى يذهب ثُلثاه. وسؤالي هو: نصنع الشاي الذي نشربه عندما نقوم بغلي الماء ثم نضيف النباتات المجفَّفة إليه أو البذور التي نريد، فهل يجوز ذلك؟
مثلًا نغلي الماء لدرجه الغليان ثم نضيف له بذور الكتان لصنع جيل طبيعي للشعر، وكذلك نُضيف له الأعشاب لنشرب الشاي فهل يجوز؟
٢- إن كان إنسان موسوس مثلي يعاني فهل يجوز له الأخذ بالمذهب القائل بطهارة الخمر والكحول؟
لكوني أعاني وسوسة في الطهارة وعقد الزواج، وسبب وسوستي تواجدُ الكثير من الخلافات الفقهية التي قرأتها والتي يمكن منها التشكُّك بصحة زواجي وصلاتي. فهل يجوز لي الأخذ بالصحة لزواجي وصلاتي عند اشتداد الوسوسة؛ وخاصة أن القائلين بالصحة هم الأرجح والأيسر؟
حيث إن الأمر في النهاية خلافي ولا أرى ضرورة اتباع الأحوط وعدم الترخص، خاصة أن الأيسر قد يكون أيضًا صحيحًا وهو الحق الذي قد يكون منشودًا. فأرجو رأيك مشكورًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المحرم هو المسكر قلَّ أو كثر، فهذا هو مناط التحريم، وهذا يكون في العادة بالغليان وذهاب بعضه.
«والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف أعناب البلاد، فقد قال ابن حزم أنه شاهد من العصير ما إذا طبخ إلى الثلث ينعقد ولا يصير مسكرًا أصلًا، ومنه ما إذا طبخ إلى النصف كذلك، ومنه ما إذا طبخ إلى الربع كذلك. بل قال أنه شاهد منه ما لو طُبخ حتى لا يبقى غير ربعه لا ينفك عنه السكر. قال: فوجب أن يحمل ما ورد عن الصحابة من أمر الطلاء على ما لا يُسكر بعد الطبخ»(1).
فمناط التحريم هو السُّكر، سواء أكان بالطبخ أم بغيره، وما سواه حلالٌ طبخ أم لم يطبخ، والغليان سبيلٌ إلى السكر، ولكنه ليس سبيلًا حتميًّا مطَّردًا، وليس ذهاب الثلثين هو السبيل الوحيد لاتقاء السكر، فهذه هي تجارب ذلك الزمان ومعارفه، فليكن نظرُك إلى مناط التحريم وهو السكر، وما عدا ذلك فهو على أصل الحل.
وإذا كان ذلك فلا حرج فيما سألت عنه من الشاي الذي يضاف إليه بعض الأعشاب، لأنه ببساطة لا يُسكر، فهو على أصل الحل.
وقد أفتيتك من قبل في موضوع طهارة الكحول، وفي غيره مما ذكرت في رسالتك، ولكن وساوسك تأبى إلا أن تعاودك، لتسأل نفس الأسئلة، فتزعج نفسك ومفتيك.
عافانا الله وإياك. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________
(1) «نيل الأوطار» (8/215-219).

تاريخ النشر : 24 مارس, 2025
التصنيفات الموضوعية:   15 الحدود, 16 الأطعمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend