شخص علم عن طريق المصادفة أن أمَّه تقيم علاقة غير شرعية مع رجل (أقصى درجة في العلاقة)، مع العلم أن الأب منفصل عن الأم من عشر سنوات بسبب أخطاء من الطرفين، لم يطلقها على الورق بناءً على رغبةِ الأم، ولكن كل واحد يعيش في بيت منفصل.
السؤال: كيف يعامل الابن هذه الأم؟ مع العلم أن هذه الأم تعيش بمفردها وكلا ابنيها متزوج ويعيش في بيته. فمن المفترض أنهم يمثلون الأسرة بالنسبة لها بعد أن هجرها أبوهما. هل يطلب الابن الذي علم بالخبر من الأب أن يطلقها على الورق؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الزنا من من الكبائر باتفاق العلماء، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ [الإسراء: 32]. فـ«لَا يَزْنِيَ الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»(1).
وفي الحديث: «إِذَا زَنَى الْعَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ عَلَى رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا أَقْلَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ»(2). وقال أبو هريرة رضي الله عنه: من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه(3).
ويزداد الزنا قبحًا وبشاعة من المحصن؛ سواء أكان رجلًا أم امرأة، ولهذا كانت عقوبته الرجم.
وينبغي على من علم بذلك منعُه بتخويف الطرف المتورِّط في هذه الفاحشة وتهديده.
ولعلَّ من الحلول المتاحة أن يسعى الولد في طلب الطلاق لأُمِّه، فإن هذا الهجر بغير طلاق أدى إلى هذه الفاحشة، فإن طلقت وخرجت من العدة أمكن لها أن تتزوج بمن تشاء، ويتوب الله على من تاب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وعلى عصبة المرأة منعها من المحرمات، فإن لم تمتنع إلا بالحبس حبسوها، وإن احتاجت إلى القيد قيَّدُوها. وما ينبغي للمولود أن يضرب أمَّه، ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن من السُّوء بل يلاحظونها بحسب قدرتهم، وإن احتاجت إلى رزق وكسوةٍ كسوها، وليس لهم إقامة الحد عليها، والله سبحانه وتعالى أعلم»(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الحدود» باب «لا يشرب الخمر» حديث (6772)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله» حديث (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «السنة» باب «الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه» حديث (4690)، والترمذي في كتاب «الإيمان» باب «ما جاء لا يزني الزاني وهو مؤمن» حديث (2625)، والحاكم في «مستدركه» (1/ 72) حديث (56)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا برواته وله شاهد على شرط مسلم». وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (509).
(3) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (1/73) حديث (57).
(4) «مجموع الفتاوى» (34/178).