امرأة تريد أن تستخدم منيَّ زوجها المختزن بعد موته

رجل متزوِّج ولم ينجب، اتهم في جريمةٍ وهو بريء، وتوقع أن يحكم عليه بالإعدام أو السجن مدى الحياة ظلمًا فحفظ منيَّه عند الطبيب المتخصص، ثم أُعدِم، فهل يجوز لأرملتِه بعد موته أن تُنجب ولدًا من منيِّه المخزون في فترة العدة أو بعد فترة العدة ما لم تتزوج بعد وفاته؟ اعتقادًا منها أنه سيكون زوجها في الآخرة وأنها لا ترضى به بديلًا لأنه من الصالحين؟ أفيدونا زادكم الله علمًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يحل لهذه المرأة أن تستخدم منيَّ زوجها بعد موته لانقطاع رابطة الزوجية بالموت، كانقطاعها بالطلاق البائن الذي لا يُخالف أحدٌ في عدم جواز التلقيح بعده.
ومما يدل على انقطاع الزوجية بالموت أنه لو ماتت الزوجة جازَ لزوجها أن يتزوج أُختها أو عمتها بمجرد موتها، وبموت الزوج تصبح الزوجة بعد العدة حلًّا لغيره.
أما جواز تغسيل كل من الزوجين الآخرَ بعد موته فهذا أثرٌ من آثار الزوجية كالإرث والسكنى لمن تستحِقُّه، وليس دليلًا على بقاء الزوجية نفسها.
أما ما ذكرت من رغبتها في أن تكون زوجة له في الآخرة لحُسن دينه وخلقه فأرجو أن يبلغها الله ذلك إن حبست نفسها عليه ولم تتزوج بعده؛ لما جاء في «صحيح الجامع» من قوله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٌ تُوُفِّي عَنْهَا زَوْجُهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ، فَهِيَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا»(1).
ولها أن تتزوج بمن تشاء، ولا يبعد على فضل الله أن يجمعها بمن تحبُّ يومَ القيامة، فإن في الجنة لأصحابها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون(2). وإن تمام المتعة واللذة، وكمال النعيم والنعمة، وحصول الرضا والفرحة، مكفول للجميع إن شاء الله.
وقد ورَد عن بعض أهل العلم أنها تُخيَّر بَيْنَ من شاءت من أزواجها؛ فقد سئل الشيخ بن عثيمين رحمه الله: إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فمع من تكون منهما؟ فأجاب بقوله: إذا كانت المرأة لها زوجان في الدنيا فإنها تُخيَّر بينهما يوم القيامة في الجنة. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________
(1) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (3/275) حديث (3130) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله في «صحيح الجامع» (2704) وفي «السلسلة الصحيحة» (1281).
(2) قال تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)} [فصلت: 31].

تاريخ النشر : 24 مارس, 2025

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend