لقد قمت بمشاركة أحد الأشخاص في تجارة معينة، وقد دفعت له مبلغًا يساوي خمسة أضعاف ما قام هو بدفعه لِقاءَ أنه هو الذي يقوم بنشاط هذه التجارة، والتجارة عبارة عن المضاربة في شراء وبيع الأراضي، أي أنه لا يوجد مجهود بدني في هذا النشاط، خاصة وأننا في محافظة صغيرة، ثم اتضـح لي منه شخصيًّا أنه يزاول نفس نشاط هذه التجارة لحسابه الخاص، فغضبت وأخبرته أنه ليس من حقه فعل ذلك، وبيَّنت له أيضًا أني قمت بدفع خمسة أضعاف ما قام هو بدفعه لقاء دمج تجارتنا سويًّا، ولم أكن أظن أنه قام باقتطاع جزء من ماله وشاركني به، وأن لديه مالًا آخر يتاجر به لحسابه الخاص، مع العلم أن الاتفاق أن يكون الربح مناصفة، وحصل بيني وبينه إشكال في ذلك، وكنت موافقًا تمامًا، مع أن المبلغ الذي قدمه قليل جدًّا، وبخاصة أن الربح مناصفة، لكن لما علمت خلاف ذلك غضبت منه.
أفتونا مأجورين، مع من يكون الحق؟ مع العلم أن الأنظمة لا تُجَوِّز لأحد الشركاء ممارسة نفس نشاط الشركة. أفتونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذه خصومة أرجو أن تتصل ببعض أهل العلم من المخالطين لكما ليسمع من كليكما ويقضي بينكما على وفاق الشرع المطهر.
والذي يظهر أنه إذا اشترط الشريك على شريكه أن لا يعمل لحسابه الخاص في نفس التجارة سواء أكان ذلك الشرط صراحة أم ضمنًا فإنه شرط معتبر، ويكون الشريك مُخِلًّا بالأمانة إذا خالفه؛ لتعارض المصالح والأهداف في هذه الحالة، فقد يُحوِّل الصفقات الرابحة إلى حسابه الخاص، والصفقات الأخرى إلى حساب الشركة، ومما يؤكد أن هذا المعنى معتبر ما تضمنته القوانين السارية من منع الشريك من أن يمارس لحسابه الخاص نفس النشاط الذي تمارسه الشركة، فكأن هذا قد صار عرفًا وقانونًا متبعًا في هذه الأجواء، وليس في ذلك ما يخالف الشرع المطهر، فهذه قرينة تؤكد أن هذا المعنى كان معتبرًا من البداية، والمعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، فائتمروا بينكم بمعروف، وحاولوا أن تصلوا إلى صيغة تصالحية، ونسأل لله لكم التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.