أرسلتُ فتوى حول القرض، وكانت إجابتُكم شافيةً جزاكم اللهُ خيرًا.
وإنني سوف أتعامل مع شخصٍ يقطن بالصين، وهو مسلم من تونس، وهو سوف يقوم بكل الإجراءات ليُرسل لي البضائع، ولكن إجراءات الجمارك هو سيتصرف في إخراج البضاعة بطريقة أظن أن فيها رشوةً لست متأكدًا تمامًا، ولو أدخلتُها بنفسي لكانتِ الدَّولة ستُراقبني في الضَّرائب، وهو سيُدخلها لا على اسمي أنا وشركتي بل هو له معاملات خاصَّة: فهل يجب عليَّ أن أُدقِّق معه في هذه الأمور؛ أم أن هذا ليس من شأني؟ لأنني أنا في الصين ووجدتُ بضاعةً اتَّفقنا على سعرها هي من مكانها بألف قال لي أوصلها لك إلى مخزنك في تونس بألفين وهذا مربح لي، هل أسأل على الطَّريقة أم أن هذا لا يهمُّ؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا تتوقَّع أن مفتيًا في مشرق أو في مغرب سيُفتيك بمشروعيَّة دَفْع رشوة في معاملة من المعاملات لما يتضمَّنه ذلك من مخالفاتٍ شرعيَّة وقانونيَّة؛ فقد علمت ما جاء في الشَّريعة من لَعْن الراشي والمرتشي(1)، وكما علمت ما جاء في القوانين الوضعيَّة كافة من تجريم الرِّشْوة وملاحقة أطرافها.
والعاقل لا يضع نفسه حيث يُدان في كلِّ من الشَّريعة والقانون، ولكننا نقول لك: إذا وجدتَ إجراءاتٍ قانونيَّة سليمة لتخفيف الضَّرائب فلا حرج في اتِّباعها؛ لما يتضمَّنه كثيرٌ من الضَّرائب في واقعنا المعاصر من جَوْرٍ واستطالة.
وأسأل اللهَ أن يُوفِّقك للصالح من القول والعمل، وأن يُجنِّبك الزَّلل في القول والعمل. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/164) حديث (6532)، وأبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في كراهية الرشوة» حديث (3580)، والترمذي في كتاب «الأحكام» باب «ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم» حديث (1337) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (3753).