شيخنا الفاضل بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرًا؛ أنا أعمل بمكتب عقاري وحسب اتفاقي مع صاحب المكتب على أن يكون أجري= راتب شهري + نسبة من عمولة المكتب على كل مستأجر جديد.
هذا الرجل يأخذ من المستأجر تأمينًا على كل شقة يُسمى تأمينًا مستردًّا، أي أنه عندما يخرج المستأجر من الشقة يُرَدُّ له التأمين إذا كانت الشقة سليمةً، وإذا كانت بها تلفيات أو تأخير في فواتير الكهرباء يخصم من التأمين.
ولكن هذا الرجل يتحايل على كل مستأجر يريد أن يخرج ليأخذ منه التأمين بأي صورة، ويضع أسعار عالية لقطع الغيار وتركيب بأسعار مبالغ فيها؛ حتى يأخذ هذا التأمين ولا يرد له المبلغ كاملًا أبدًا.
هل عملي أنا الذي يقتضي أني أبحث عن مُستَأجرين جُدد ويُخرج لي نسبةً من عمولة الإيجار حسب ما هو مُتَّبع في هذه الدولة يُعِين هذا الرجل على ظلم الناس وأخذ أموالهم؟
أي هل أنا مشترك معه في تلك المسألة أم أنها منفصلة؟ حيث إن المالك أو صاحب المكتب هو الذي يعمل تسويةَ الإخلاء بنفسه ويخصم هذه الأموال بنفسه ولا أشترك معه فيها لا من قريب ولا من بعيد.
معذرة للإطالة وأرجو تفصيل المسألة، جزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ هو شرعيةُ التعاون على البِرِّ والتقوى والنهي عن التعاون على الإثم والعدوان(1)، وأنَّ كل نفس بما كسبت رهينة(2).
فلا يجوز لك أن تُعين صاحب المكتب في استطالته على المستأجرين، وتحيُّلَه عليهم لاستباحةِ ما قدموه من تأمينٍ بحِيَل ظالمة.
أما إعانته على الجانب المشروع من عمله وهو التأجير فلا شيء فيه، وهما أمران منفصلان، والناس بحاجة إلى الأول، وينتفعون به، فتشرعُ الإعانة عليه، ويتضررون من الثاني ويشتكون منه، فلا تشرع الإعانة عليه.
ويبقى أن عليك واجبَ النصيحة لهذا الشخص، وأن تقول له في نفسه قولًا بليغًا، وإن استنصحك أحدُ المستأجرين الجدد فانصح له. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]
(2) قال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38].