سؤالي هو: شخص أعطى آخر مبلغًا من المال للعمل به كمضاربة به في تجارة معينة، والمضارِب عنده شركة ولديه أعمال كثيرة، فلم يستطع أن يتاجر بهذا المبلغ بنفسه، فأعطاه لشخص آخر يعمل معه وهو أمين ثقة، مع إدارته ومتابعته له، ثم حصل من العامل أن تصرف في هذا المال في تجارة أخرى لم يتفق فيها مع هذا المدير وخسِر المال، والآن من يتحمل الخسارة وهلاك المال؟ علمًا بأن مدير الشركة يرى أنه ليس عليه ضمان؛ لأن العامل لديه خانه وتصرَّف بدون إذنه، إضافة إلى أن صاحب المال يعلم أن ماله بيد هذا العامل يتاجر فيه ويثق فيه أيضًا، كما أن صاحب المال يرى أنه لا دخل له فيما حصل بين المدير والعامل، وأن المسئول أمامه هو المدير، وأنه فرَّط في إدارة المال، وبالتالي عليه تحمل المال وضمانه، ما رأي فضيلتكم؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن يد العامل في عقد المضاربة يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتفريط أو التعدِّي، ومن التفريط أن يسلم المال إلى آخر ليباشر المضاربة فيه نيابة عنه؛ لأن المالك قد ارتضى خبرة هذا العامل وأمانته، ولعله لا يرتضي خبرة غيره أو أمانته، اللهم إلا إذا فوَّض إليه العملَ في المضاربة برأيه وإمضاءَها على اجتهاده، أو أذن له صراحة بإعادة المضاربة؛ فإذا كانت إعادة المضاربة قد تمت بعلم صاحب المال ومباركته، أو بتفويض مطلق مفتوح، أعطاه للعامل الأول في إدارة هذه الأموال، فإن هذا العمل في ذاته لا يُعَد من قبيل التفريط أو التعدي، وعندئذ تكون العلاقة بين رب المال والعامل الثاني، فيحقَّق في الأمر، فإذا ثبت في حقه تفريط أو عدوان ضمَّنه الخسارة، ويعينه العامل الأول في استرداد حقوقه، وإلا فلا ضمان عليه، وننصح بأن يأتمر الطرفان بينهم بمعروف، وأن لا يجعلوا من المعاملات الدنيوية سببًا للخصومة والبغضاء، ونسأل الله التوفيق للجميع. والله تعالى أعلى وأعلم.