شركة مصرية تتعاون مع أخرى أروبية في بناء محطات شمسية بتمويل بنكي ربوي

استحقاق شركة مصرية في مجال الطاقة أرباحها عن مشاريع الطاقة الشمسية أرباحا مؤجلة بفوائد
شيخنا الفاضل أحتاج لفتوى سريعة ومفصَّلة على قدر المستطاع.
أعمل في مجال المحطات الشمسية وقد أُسنِدَت لشركتنا بالتعاون مع شركة أوروبية عددٌ من المحطات من وَزارة الكهرباء المصرية؛ بحيث نبني ونمتلك المحطة ونبيع الكهرباء المنتجة للحكومة بعقدٍ لمدة 25 سنة، وهو عمر المحطة.
الشركة الأوروبية هي المسئولة عن بناءِ المحطة وإيجاد التمويل اللازم من مؤسسات عالمية بحُكم خبرتها وعلاقتها؛ حيث إن المبلغ المطلوب للمحطة الواحدة يتجاوز الثمانين مليون دولار، والبنوك المصرية والإسلامية خاصَّة ليس لها الخبرة ولا القدرة على تمويل مثل هذه المشروعات، وعليه ستقوم الشركة الأوروبية بإيجاد التمويل اللازم على أساس 25 % رأس مال و75% ديون من مؤسسات مالية عالمية. وهذا الهيكل هو المتعارف عليه عالميًّا لمثل هذه المشروعات.
السؤال: الاتفاق بين شركتنا والشركة الأجنبية على أن نأخذ أتعابنا في صورة نقد أو ما يوازيها أسهم في الشركة المالكة للمشروع. فهل لشركتنا أخذُ الأتعاب في صورة أسهم مستحقة للأرباح طوال عمر المشروع وهو 25 سنة أم لا؟
المزية الإضافية للأسهم على النقد إن كان الأمر فيه سعة بجانب الربح المادي، أنها تكفل لنا أن نكون جزءًا من الشركة المالكة للمشروع، نتعرف من خلاله بشكل أعمق على كيفية بناء مثل هذه المحطات وإدارتها؛ مما يفتح المجال لاحقًا للاستقلال عن الشركات الأجنبية في مجال الطاقة وإنتاج الكهرباء. أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المساهمةَ في الشركات المختلطة التي تقوم في الجملة على أنشطة مشروعة، ولكنها تتعامل بالربا إقراضًا أو اقتراضًا موضعُ نظرٍ بين أهل العلم:
وجمهورهم على المنع منها، وتحريمُ الإسهام فيها. وهذا هو الذي ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، فقد جاء في قراره ما يلي:
(لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك.
إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا ثم علم، فالواجب عليه الخروج منها.)
ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي،، فقد جاء في قراره (أن الأصل هو حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات كالربا ونحوه. ) واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ببلاد الحرمين، برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فقد جاء في فتوى لها ما يلي (وضع الأموال في بنوك بربحٍ حرام، والشركات التي تضع فائض أموالها في البنوك بربح لا يجوز الاشتراك فيها لِمَن علم ذلك.)
وخالف في هذا بعض المعاصرين، فترخصوا في الإسهام فيها بشرطِ أن يتخلص المساهم من الربا بعد حصوله على الأرباح، إن عرف مقدارَه، فإن لم يعرف مقداره فأكثر ما قيل أنه يتخلص من نصفِ الرِّبح.
وممن قال بهذا القول الشيخُ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله. وتنصُّ فتواه في ذلك على ((الورع عدمُ الدُّخول في هذه الشركات، ولكن إذا لم يسلك المسلم سبيلَ الورع ودخَل فيها فعليه أن يتخلَّص من نسبة الربا إن عرف مقداره، فإن لم يعرف مقداره تخلص من نصفِ الربح)).
وبالقول بالترخُّص أخذت هيئةُ المعايير الشرعية بالبحرين، وأغلب الهيئات الشرعية بالبنوك الإسلامية، على خلاف بينهم في تحديد نسبة الربا التي يجوز معها الدخول في تلك الشركات، فمنهم من اشترط ألا يتجاوز إجماليُّ المبلغ المقترَض بالربا- سواء أكان قرضًا طويلَ الأجل أم قرضًا قصيرَ الأجل- (25٪) من إجمالي موجودات الشركة، وأكثر ما قيل: ثلاثين في المائة، وإنما حددوا بهذا التحديد أخذًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»(1). مع تأكيد الجميع على أن الاقتراض بالربا حرامٌ مهما كان مبلغُه قَلَّ أم كثُر.
ولكن المسألة في نازلتك تتجاوز هذا بكثير، فقد ذكرت أن رأس المال 25 % وأن 75% من القروض، وبهذا يعسر تخريج التعامل مع هذه الشركة حتى على هذا القول.
فالذي يظهر أنه ينبغي لك أن تقف عند حدود المقابل النقدي ويعوضك الله خيرًا، ومن ترك شيئا لله أبدله الله خيرًا منه. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الوصايا» باب «أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكفَّفوا» حديث (2742)، ومسلم في «الوصية» باب «الوصية بالثلث» حديث (1628)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

تاريخ النشر : 20 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend