أحدُ الأستاذة يسأل عن شراء أراضي أو شُقق من الجهاز ولها ثمنان: مقبوض كاش بسعر، مقبوض بدفع جزءٍ والباقي يُقسط بفائدة سنوية بسعر آخر، مع العلم أن الشراءَ بالكاش يُعد أغلى من مثيله خارج الجهاز- وفق تعبيره- فهل إن اشترى من الجهاز ودفع جزءًا وقسط الآخر على مجموعة سنوات بفائدة سنوية. هل يقاس ذلك على مسألة البيع الكاش والبيع بالتقسيط؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن البيع بالتقسيط مع زيادة القيمة لا حرج فيها إذا افرغ العقد في قالب البيع ولم يُنَصُّ فيه على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحالِّ، بحيث ترتبط بالأجل.
وقد صدر بهذا قرار المجمع الفقهي الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية، فقد نصَّ هذا القرار على ما يلي:
أولًا: تجوزُ الزيادة في الثمن المؤجَّل عن الثمن الحالِّ، كما يجوز ذكرُ ثمن المبيع نقدًا، وثمنُه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصحُّ البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل، فإن وقع البيع مع التردُّد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد فهو غير جائز شرعًا.
ثانيًا: لا يجوز شرعًا- في بيعِ الأجل- التنصيصُ في العقد على فوائد التقسيط، مفصولةً عن الثمن الحالِّ، بحيث ترتبط بالأجل، سواءٌ اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة.
وفي الصورةِ المسئول عنها مخالفةٌ لهذا القرار حيث نصَّ على الفائدة منفصلةً عن ثمن السلعة الحاضر، فاتخذت بذلك صورة العقود الربوية، ولهذا فإن الأصل فيها المنعُ؛ لعموم النهي عن الربا شكلًا أو مضمونًا، ولو كان الأمر بأيدينا ما استجزنا صياغةَ العقود على هذا النحو.
وينبغي السعيُ لإقناع البائع بتغيير ترتيب العقد؛ بحيث يُضاف ما سماه فائدةً إلى رأس المال فيصبح من جملةِ الثمن الإجمالي، ويسمى ربحًا ولا يسمى فائدةً، ثم يوزعه بعد ذلك على الأقساط كما يشاء، ليستوفي العقد تمامَ المشروعية.
ولكن إذا تعلق الأمر بعقدٍ من عقود الإذعان، التي لا يملك المشتري تغييرها، ودخل المتعاقد مع الجهاز على تصوُّرٍ باتٍّ لتأجيل الثمن، ولم يكن البيعُ مترددًا بين النقد أو التأجيل، أو بين التأجيل على مُدد مختلفة بأثمان مختلفة، ولم يكن في العقد قرضٌ، وكانت هذه العقود متعلقةً بحاجة عامة- فالظاهر أن هذه المعاملة وإن اتخذت صورة الربا فليس فيها حقيقتُه، فتكون مكروهةً، والكراهةُ تزول عند الحاجة.
فأرجو أن تكون فيها رخصةٌ في التعامل بها عند الحاجة، وتبقى التبعة على من ألزم بهذا الترتيب الذي تضمن صورةَ الربا، ولم يستوف تمام المشروعية. والله تعالى أعلى وأعلم.
شراء أرض بدفع جزء من الثمن والباقي يقسط بفائدة سنوية
تاريخ النشر : 07 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع
فتاوى ذات صلة:
