شيخنا الفاضل حفظكم الله ورعاكم. السؤال التالي من نوازل العصر، وهو حول ما جرى به العرف مؤخرًا في بعض الشركات الغربية؛ بأن تمنح الإدراة المالكة حوافزَ تشجيعية للموظفين على شكل خيارات أسهم يملك من خلالها الموظف الحقَّ في شراء أسهم شركته التي يعمل فيها، خلال مدة معينة بسعر معين، وقد أفتى أغلب المعاصرين بحُرمة التعامل بالخيارات لاشتمالها على الغرر الفاحش الذي يجعل نتيجة المعاملة تدور حصريًّا بين الغُنم أو الغرم.
ولكن الجديد في هذه الحوافز التشجيعية أن الشركة هي التي تدفع رسوم الخيارات، وبالتالي تُصبح معاملةُ الموظف المسلم أو غيره تدور بين السلامة أو الغنم، ويبقى الغرر الفاحش موجودًا في الجهة المقابلة التي باعت الخيارات، وهو طرف ثالث في السوق ويسمى كاتب الخيارات.
فهل يجوز للموظف المسلم امتلاكُ هذه الخيارات وممارسةُ حقه في الشراء إذا ارتفعت قيمةُ الأسهم أثناء مدة الخيار، وتحقيق أرباح بعد بيعها مباشرة في السوق؟
بارك الله فيكم وفي أوقاتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 63 -7/1: أن عقود الخيارات غير جائزة شرعًا؛ لأن المعقود عليه ليس مالًا ولا منفعة ولا حقًّا ماليًّا يجوز الاعتياض عنه، ومثلها عقود المستقبليات والعقد على المؤشر.
وهي من الغرر الفاحش، لأنه لا يخلو أطرافها من غرم أو غنم، وغرم أحد الطرفين هو غنم الطرف الآخر، فالاختيارات من أدوات المجازفة على الأسعار. وهي من ضمن العقود التي جعلت الاقتصادي الفرنسي (موريس آلية) يصف البورصات العالمية بأنها كازينوهات قمار ضخمة، وذلك أن حقيقة القمار هي أن يربح أحد الطرفين على حساب الآخر، وهذا بالضبط ما يحصل في عقود الاختيارات في الأسواق الدولية.
أما إذا قُدِّم هذا الخيار منحة من جهة العمل، ولم يتحمل الموظف فيه غرمًا قطُّ، وكان أمره دائرًا كما ذكرت بين السلامة أو الغنم- فلا أرى في ذلك حرجًا؛ لأنه يغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضات. ومثله عقد التأمين إذا قدم منحة للموظف. والله تعالى أعلى وأعلم.