1- توفي رجل منذ حوالي عشرين عامًا، وعليه دَين لأخته (500) جنيه مصري، أي أقل من مائة دولار، وقصَّر أولادُه في سداد هذا المبلغ إلى أن ماتت هذه المرأة أخت والدهم (عمتهم)، وقد ماتت وورثها أخٌ آخرُ لها وأختٌ لها، ومات أحد الاثنين اللذين ورثاها، وهو أخوها، وترك زوجةً له وأبناء، وبقيت أختُها الأخرى حيةً حتى الآن.
والسؤال: كيف يُقضَى هذا الدين الآن؟ وإلى مَن يذهب؟ وهل هناك أثرٌ لتغير قيمة النقود الشرائية على مدار هذه السنين في سداد هذا المبلغ، أم يتم سداده بأصل المبلغ منذ عشرين سنة؟
2- لو حدث بيعُ شيءٍ، بضاعة مثلًا، أو أرض، مقابل مبلغٍ من المال، ولم يتم سداد هذا المبلغ جزئيًّا أو كليًّا، ومرت سنين. فهل يلزم المشتريَ المالُ، أم رد الأرض مثلًا، أم جزء منها مقابل ما تبقى عليه من المال؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل أن تُردَّ الديون بأمثالها لا بقِيَمِها، إلا إذا ألغيت العملة أو انهارت قيمتُها انهيارًا فاحشًا، ولا أثر لتذبذب الأسعار ارتفاعًا وانخفاضًا على ذلك.
ولكن يَجمُل في هذا المقام التذكير بحُسن القضاء، فلا حرج أن يزيد المدين فوق مقدار الدين إحسانًا في القضاء، ولا يكون ذلك من الربا؛ فإن الربا هو الزيادة المشروطة في الدين، أما الزيادة التي يتنفل بها المدين عند الوفاء بغير شرطٍ فلا تُعَد من قبيل الربا، بل هي من حسن القضاء، وخيرُكم أحسنكم قضاءً كما أخبر بذلك المعصوم ﷺ(1)، ويرد هذا المال إلى مستحقه، وهو الدائن؛ فإن مات فإلى ورثته، وهو في هذه المسألة إخوتها، للذكر مثل حظِّ الأنثيين، ومن مات من هؤلاء الورثة يوزع نصيبه بين ورثته، وهكذا.
ومن باع شيئًا وعجز عن سداد قيمته بالكلية بقيت هذه البقية الباقية دينًا في ذمته، تُوفَّى من ممتلكاته، ليس له إلا هذا الدَّين، وعند المطل يحال الأمر إلى القضاء، والقاضي هو الذي يقرر كيفية وفاء هذا الدين، ومن بين الخيارات بيع هذا العقار أو غيره للوفاء بدينه، ولكن لا يكون ذلك إلا من خلال القضاء. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس» باب «حسن القضاء» حديث (2393)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه وخيركم أحسنكم قضاء» حديث (1601)، عن أبي هريرة ؛ قال: كان لرجل على رسول الله ﷺ حق فأغلظ له، فهَمَّ به أصحاب النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: «إِنَّ لِصَاحِبِ الْـحَقِّ مَقَالًا». فقال لهم: «اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ». فقالوا: إنا لا نجدُ إلا سنًّا هو خير من سنِّه. قال: «فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ- أَوْ خَيْرَكُمْ- أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً».