أعلن (ص) عن بيع قطعة أرضٍ مباني مساحتها كبيرة، فجاء إليه (أ) وقال له: بِعْنِي أربعةَ قراريط بسعر إجمالي مائتي ألف جنيه. القيراط بخمسين ألف جنيه، واتفق (أ) مع (ص) أنه سيأتيه بأفرادٍ لشراء القراريط الأربعة على أن سعر القيراط ستون ألف جنيه، وحيث لا يعلم هؤلاء الأفراد أن البائع الحقيقي هو (أ)، وأن يكتب العقد بين (ص) وبينهم، ثم يقبض (ص) مبلغ الستين ألف جنيه، فيأخذ خمسين ويُعطي (أ) عشرة.
فما حكم تصرُّف (أ) و(ص) بهذه الصُّورة؟ وهل يجوز لـ(أ) أَخْذ هذا المال بهذه الطَّريقة؟ وإذا كان هذا جائزًا فهل يجوز أن تبلغ قيمة السمسرة نسبة 20% كما هو الحال هنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن السمسرة من العقود الجائزة ما دامت الصفقة التي يتوسَّط لإبرامها صفقة مشروعة، ولا حدَّ للربح الذي يتقاضاه السمسار؛ فإن مردَّ ذلك إلى الاتفاق أو العُرْف، أو إلى سوق العرض والطلب، ولكن ينبغي أن يكونَ السمسار واضحًا في كونه سمسارًا يتقاضى عمولة مقابل عمله، أما أن يُقدِّم نفسَه على أنه صاحب خدمات ومروءات فيما يتوسَّط لإبرامه من الصفقات فلا ينبغي له ذلك! فإن «الْـمُتَشَبِّع بِمَا لَـمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»(1)! واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_____________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «المتشبع بما لم ينل وما ينهى من افتخار الضرة» حديث (5219)، ومسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «النهي عن التزوير في اللباس وغيره والتشبع بما لم يعط» حديث (2130)، من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه .