تنازل أحد الشريكين عن حصته في الربح لشريكه على سبيل التبرع والهبة

بعض شركات التمويل الإسلامي التي تمول على أساس المشاركة تقول: إنها تشارك في الخسارة، ولكنها تترك الربح للمشتري وحده.
والسؤال هنا: ماذا يكون الحال إذا عجز المشتري عن المُضيِّ في العقد، واضطُرَّ إلى التوقف أثناء الطريق وأراد أن يبيع البيت قبل الوفاء بكامل ثمنه إلى البنك؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المشاركة تقوم على مبدأ المشاركة في المغارم والمغانم، فالغنم بالغرم و«الْـخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»(1).
ولا حرج أن يتنازل أحد الشريكين عن حصته في الربح لشريكه على سبيل التبرع والهبة، على ألا يتَّخذ ذلك ذريعةً لهدم نظام المشاركة، وتوقي المخاطر التي تترتب على الشركة في بعض الأحوال، ذلك أن بعضَ شركات التمويل تُموِّل على أساس المشاركة، ولا تريد أن تمضي في هذا الطريق إلى نهايته، فتنص في العقد على تحميل الطرف الآخر جميع الأعباء التي تترتب على العقار، من ضرائب، ومن مصروفات صيانة، ونفقات تأمين ونحوه، وقد كان العدل يقتضي تقاسمهما على أساس حصة كل منهما في العقار، والأدهى من ذلك أنه إذا توقف الشريك عن الدفع تقول له: لا علاقة لي بالعقار، فلك غنمه وعليك غرمه، ويلزمك أن توفي لي بقية مبلغ تمويلي كاملًا غير منقوص، بصرف النظر عن نتيجة بيع البيت أو عن قيمته السوقية.
وهكذا تخلع عن نفسها فجأة ثوب المشاركة، وترتدي ثوب القرض، وترجع إلى نفسية المقرض وآلياته، وكأنها لم تتخلص بعدُ من روح الإقراض وآلياته التي سيطرت على البنوك التقليدية.
من أجل ذلك نقول: إنه لا بأس أن يجعل أحد الشريكين الربح كله لشريكه، فيهب له نصيبه من الربح، على ألا يتخذ ذلك ذريعة إلى هدم نظام المشاركة رأسًا على عقب، والانقلاب من خلال هذا التبرع على ثوابتها، واتخاذه ذريعة إلى الرجوع إلى آليات الإقراض الربوي التي ما قامت الشركات الإسلامية ابتداءً إلا لتخلص المتعاملين من شرورها ومن ويلاتها.
وعلى هذا فالصورة الصحيحة: أنه إذا حدث توقف عن المضي في عقد المشاركة فيُقوَّم البيت ويتقبله أحد الشريكين، أو يبيعانه إلى طرف ثالث ويتقاسمان القيمة على أساس الحصص، ويتشاركان في مغارم هذه التصفية وفي مغانمها. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «البيوع» باب «فيمن اشترى عبدًا فاستعمله ثم وجد به عيبًا» حديث (3508)، والترمذي في كتاب «البيوع» باب «ما جاء فيمن يشترى العبد ويستغله ثم يجد به عيبًا» حديث (1285)، من حديث عائشة. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend