نودُّ استفتاءكم في ترجمة السندات التي تحتوي على التَّأمين ضد الحوادث.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن التَّأمين التِّجاريَّ سواء على الحوادث أو على غيرها من العقود الفاسدة؛ نظرًا لما يكتنفه من الغرر الفاحش، فإن كلَّ طرف لا يعرف سلفًا ما الذي سيبذله وما الذي سيأخذه، ولا يباح من ذلك إلا ما تُلزم به القوانين نظرًا لجانب الإكراه، أو ما يكون من ذلك من العقود التَّابعة؛ لأنه يُغتفر تبعًا ما لا يُغتفر ابتداءً واستقلالًا، أو ما تمسُّ الحاجة إليه عند انعدام البدائل.
وبناءً على ذلك فإن الأصلَ في هذه العقود هو الفساد، والفساد يقتضي الحرمة، إلا ما سبقت الإشارة إليه من الاستثناءات، وإذا ثبت النَّهْيُ عن هذه العقود فإن النَّهْيَ يشمل كلَّ ما يُعين عليها ويسهل إبرامها من ترجمةٍ ونحوه، ما دامت هذه الإعانةُ مقصودةً أو مباشرة، فترجمة السندات التي تحتوي على التَّأمين ضد الحوادث مما يشمله هذا النَّهي، فلا يُترخَّص في شيءٍ من ذلك إلا بقدر الضَّرورة الملجئة، أو الحاجة الماسَّة التي تُنزَّل منزلتها.
فمن جعل اللهُ له بدائل فخيرٌ له أن يبتعد عن هذا العمل، فإن ذلك أنقى لدخله وأطهر لقلبه وأرضى لربِّه، ومن اضطُر إليه أخذ منه بقدر ما يدفع ضرورته أو يسدُّ حاجته، غير باغٍ ولا عادٍ، مع استصحاب كراهية ذلك بقلبه، والعزم على التَّحوُّل عنه إلى غيره عند أول القدرة على ذلك، مع سعيه الجادِّ في البحث عن البديل. ونَسْألُ اللهَ أن يجعل له فرجًا ومخرجًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.