ترك شخص عندي أمانة قدرها: 2000 دولار، وعندما احتاج أحد الأخوة إلى قرض قمت بتحويل المبلغ إلى جنيهات مصرية وأعطيت له عشرة آلاف جنيه مصري قرضًا لبناء منزله، والآن يطالبني الشخص الأول برد الأمانة التي كانت عندي، وأحتاج الآن أن أدفع مبلغ 4000 جنيه إضافة إلى مبلغ العشرة آلاف جنيه التي اقترضها مني صاحب المنزل لكي أستطيع شراء ألفي دولار لتسديدها إلى صاحب الأمانة، فما الموقف الشرعي لكل طرف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الأصل في الديون أن ترد بأمثالها لا بقيمتها، فالقرض عقد من عقود الإرفاق، وغايته رفع الضيق عن الصديق، وما قد يفوت على صاحب القرض في الدنيا يعوض عنه الدرجات العلا في الآخرة بإذن الله، وهو المسطور في كل كتب الفقه فيما نعلم، وقد اتفقت على هذا المجامع الفقهية المختلفة؛ فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة ما يلي: « العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل، وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيًّا كان مصدرها بمستوى الأسعار».
بل حتى في حالة المماطلة في الوفاء- رغم تحريم المماطلة شرعًا- لا يجوز تغريم المدين مقابل التأخير؛ فقد جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ما يلي: « نظر المجمع الفقهي في موضوع السؤال التالي، إذا تأخر المدين عن سداد الدين في المدة المحددة، فهل للبنك الحق أن يفرض على المدين غرامة مالية جزائية بنسبة معينة بسبب التأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما؟ الجواب: وبعد البحث والدراسة، قرر المجمع الفقهي بالإجماع ما يلي: إن الدائن إذا شرط على المدين أو فرض عليه أن يدفع له مبلغًا من المال غرامة مالية جزائية محددة أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما، فهو شرط أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، ولا يحل سواءً أكان الشارط هو المصرف أو غيره؛ لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه.
ولم يستثن الفقهاء إلا حالة انقطاع العملة أو إلغاء العمل بها بالكلية فهذا الذي يرجع فيه إلى القيمة، واختلف هل تكون القيمة على أساس يوم الانقطاع أم على أساس يوم القرض؟
أما بالنسبة لقيام السائل بإقراض هذا المبلغ إلى آخره، فإنه لا يشرع إلا باستئذان المودع أو علمه الضمني بموافقته على ذلك، ويعرف هذا باستقراء القرائن والملابسات التي تشفُّ عنها علاقاتهما السابقة؛ لأن عقد الإيداع توكيل في حفظ المال على أن يرد عينه، أما الودائع المأذون في استعمالها فهي قروض تنطبق عليها أحكام القرض في الشريعة، وعلى هذا فإذا لم يثبت إذن المودع صراحة أو ضمنًا فإن المسئولية تقع على عاتق المقرِض، وعليه أن يتكلف هذا الفرق لصاحب المال؛ لأنه تصرف على خلاف موجب عقده معه، أما إذا علم إذنه صراحة أو ضمنًا، فيتحمل صاحب المال تبعة هذا الإذن، ويلزمه أن يقبل الوديعة كما ترد إليه، ويحتسب الفرق الذي نجم عن انخفاض العملة على الله عز وجل.
هذا من الناحية الفقهية البحتة، ويبقى الباب مفتوحًا أمام المقترض إن أراد أن يشارك في تحمل هذا الفرق الذي نجم عن انخفاض العملة، ويكون هذا من قبيل حسن القضاء، والمحافظة على سلامة القلوب، ولا يخفى أن كسب القلوب أولى من كسب الدراهم ! والله تعالى أعلى وأعلم.
تحمل الفرق في العُملات في الودائع والديون
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع