أنوي- إن شاء الله- الدخولَ في مجال الاستثمار العقاري، ولكني لاحظت أن جميعَ عقود شراء الوحدات السكنية أو الأراضي في حالة الشراء بالقسط تحتوي على غرامات مالية بنسبة كذا عن كل شهر تأخير؛ لأنهم إن لم يفعلوا ذلك لما التزم الناسُ بالسداد في الموعد كما يقولون. فهل يجوز الموافقة على ذلك عند شرائي منهم؟ علمًا بأنني لا أنوي التأخيرَ في السداد إطلاقًا.
عندما رفضتُ هذا الشرط عرضوا عليَّ أمرًا بديلًا؛ وهو أنه في حالة تأخُّري عن سداد أيٍّ من الأقساط فيُعتبر التعاقدُ مفسوخًا لعدم الالتزام بشروط السداد، على أن أفقد الدُّفعة المقدمة وهي حوالي 20% كتعويض لهم. فهل يجوز لي الموافقة على ذلك أيضًا؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن غرامات التأخير التي تُفرَض في الديون لا تحلُّ؛ لأنه تدخل في ربا الجاهلية، (إما أن تقضي وإما أن تُربي).
ولإلزام المدينين بالوفاء بالتزاماتهم سبلٌ كثيرةٌ متنوعة؛ ولم يتعين هذا الطريق لتحقيقه، وقد صدر قرارُ مجمع الفقه الإسلامي بذلك، حيث نصَّ على أنه يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح.
وبناء على هذا، يجوز هذا الشرط- مثلًا- في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول، وعقد التوريد بالنسبة للمورد، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع؛ إذا لم ينفِّذ ما التزم به أو تأخَّر في تنفيذه.
ولا يجوز- مثلًا- في البيع بالتقسيط بسببِ تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية، سواءٌ كان بسبب الإعسار أو المماطلة، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصنع إذا تأخر في أداء ما عليه.
ولكن إذا فُرض هذا الشرط من قبل البائع، ولم يستطع المشتري دفعَه وكانت له حاجة إلى هذا البيع فإن الذي فرضه يبوءُ بإثمه، والمشتري يكون في محلِّ الرخصة إذا عزم على الوفاء في المواقيت المحددة، وأن لا يُدخل نفسه تحتَ طائلة هذه الشرط. والله تعالى أعلى وأعلم.