نملك قطعة أرض وسنبني عليها عقارًا بنية الاستثمار، وقد يأتينا من يرغب في الشراء بالتقسيط أو الكاش قبل أن نقوم بالبناء أو أثناء البدء في البناء، فهل يدخل ذلك البيع في معنى «عقد الاستصناع»؟ لاسيما وأننا سنحدد للمشتري الوصف المطلوب لشقته الذي ستُبنى، وفي حالة التقسيط سنحدد الأجل.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
يجوز شراء الشقق على المخططات الهندسية التفصيلية المبينة لكافة المواصفات، منعًا للنزاع والخلاف مستقبلًا، وذلك على أساس عقد الاستصناع، وهو عقد على بيع عين موصوفة في الذمة مطلوب صنعها.
ويجب على البائع أن يُسلِّم الشقة محلَّ الاستصناع وفقًا للشروط التي تمَّ الاتفاقُ عليها، فقد صحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اصطنع خاتمًا»(1).
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استصنع منبرًا؛ ففي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثَ إلى امرأة من الأنصار: «مُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ». وفي رواية عند مسلم: «انْظُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا». فعمل هذه الثلاث درجات، ثم أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوُضعت هذا الموضع فهي من طرفاء الغابة(2).
وقد تعامَل المسلمون بالاستصناع في مختلف العصور وما زالوا يتعاملون به من غير نكيرٍ. ولمجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة قرارٌ بشأن عقد الاستصناع، وقد نصَّ القرار على ما يلي:
أولًا: إن عقد الاستصناع- وهو عقد واردٌ على العمل والعَيْن في الذمة- ملزِمٌ للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
ثانيًا: يُشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ- بيان جنس المستصنَع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب- أن يحدَّد فيه الأجل.
ثالثًا: يجوز في عقد الاستصناع تأجيلُ الثَّمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعًا: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًا بمُقتضى ما اتفق عليه العاقدان؛ ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «من جعل فص الخاتم في بطن كفه» حديث (5876)، ومسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «تحريم خاتم الذهب على الرجال ونسخ ما كان من إباحته في أول الإسلام» حديث (2091).
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر» حديث (448)، ومسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة» حديث (544) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.