العمل كمعيد في جامعة 6 أكتوبر لغير مستحق بالوساطة

أريد أن أقص لفضيلتك موقفي وتُفصِّل لي فيه:
أنا تخرجت في كلية طب الأسنان جامعة 6 أكتوبر، وهي جامعة خاصة، قامت على مبدأ التربح، وهي الآن تابعة لوزارة التعليم العالي، ويجري عليها قوانينها، وأحد قوانينها أن يُعيَّن الأوائل فور تخرجهم ليصبحوا معيدين في أقسام التخصص بالكلية التي يتخرجون منها. وأنا لم أكن من الأوائل، ولكنني متفوق في تخصصي، وهذا ليس بمعيارٍ في التعيين؛ إذ التعيين لمن تفوق في التخصصات كافة.
ولأكون متفوقًا في تخصصي فأحتاج للعمل الأكاديمي الذي هو غير متوفر بتعيين الأطباء في وزارة الصحة؛ إذ مستوي العمل والتعلم رديء، ولا يُتيح أية فرصة للتفوق، فيصبح الطبيب سوقيًّا يربح الأموال فقط.
وأمامي طريقة للتعيين في الجامعة، وهي بواسطة من رئيس الجامعة، بحيث إنه يحق له أن يعين ما يريد؛ لأنه المالك للجامعة، وهو حرٌّ في ماله ولا يتدخل أحد في ذلك. ولكن ما يريبني الآن وأنا شخص ملتزم عفا الله عني وهداني- أني من الممكن أن آخذ مكانًا غير مكاني، حيث إن القسم الذي سوف أعين فيه من الممكن عندما أنضم لهم وتأتي السنة القادمة مثلًا أن يغلق أمام أحد الأوائل ويفقد فرصته في التعيين.
مع العلم بأن القسم مغلق التعيين منذ ثلاث سنوات، ولا يعينون فيه أحدًا، والأوائل يُوزَّعون على أقسام أخرى.
ومع العلم أيضًا بأن هناك الكثير ممن لم يُعينوا من الأوائل؛ لأنهم يأخذون الخمسة الأوائل فقط، وإذا عُيِّنتُ أنا فسأكون محلَّ سخطهم، لأنني أخذت حقًّا غير حقي، أو يكون مرتبي فيه ريبة الحرام، حيث إن تعييني ليس بالطريقة التي عُيِّن بها زملائي.
مع العلم بأنه سيُنزل لي قرار خاص، وهذا حدث مع الكثير وعينوا بالفعل.
أريد من حضرتك أن تُفصِّل لي؛ لأن هذا الأمر يحيك في صدري، ولا أود أن أقترف إثمًا، مع أني في الحاجة الشديدة لذلك؛ لتفوقي في تخصصي؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الإثمَ يا بني ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس(1)، وقد حاك في صدرك من تعيينك أنه قد يكون ذريعةً لمظلمةٍ تقع على آخر ممن تفوته مثل هذه الفرصة في المستقبل وهو مستحقٌّ لها.
وأرى شيئًا من التضارب بين قولك: إن الجامعة تنطبق عليها قوانين وزارة التعليم العالي، وقولك: إن رئيس الجامعة له أن يُعيِّن من يشاء؛ لأنه حرٌّ في ماله، يتصرف فيه كيف يشاء.
ما الفرق إذًا بين جامعة تخضع لقوانين وزارة التعليم العالي، وأخرى لا تخضع لها؟!
على كلِّ حالٍ إن صحَّ ما تقول، وكان من حقِّ رئيس الجامعة أن يتصرف في التعيين كما يشاء، واستصدر قرارًا خاصًّا لك، ولم يكن به متجاوزًا أمام النظم والجهات المرجعية بالنسبة للجامعة، فربما تكون لك رخصة، على اعتبار أنها مؤسسة خاصة مملوكة له، ومن حقِّ ربِّ العمل أن يختار لمؤسسته من العاملين من شاء بما لا يضر بالمصلحة العامة.
وأيًّا كان الأمر فإن في الأمر شبهةً، وقد علمت حكم المشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه(2).
فإن قويت نفسك على تركها فقد استبرأت لعرضك ودينك.
فاستخر ربك، وكرر الاستخارة، وسله أن يأخذ بناصيتك لما يحبه ويرضاه. وإنني لعلى يقين بأن الله سيلهمك رشدك إن شاء الله. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «تفسير البر والإثم» حديث (2553) من حديث النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه قال: سألت رسول الله ﷺ عن البر والإثم فقال: «ا«لْبِرُّ حُسْنُ الْـخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ»».

(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من استبرأ لدينه» حديث (52)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «أخذ الحلال وترك الشبهات» حديث (1599)، من حديث النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ قال: سمعت رَسُولَ الله ﷺ يقول: ««إِنَّ الْـحَلَالَ بَيِّنٌ، وإن الْـحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْـحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْـحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ»».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend