هل مَن يعمل في مهنة السياحة مُرشِدًا أو مرافِقًا للسياح مرتَّبُه حلالٌ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن العمل في مجال المرافِق السياحية ليس مِن المحرَّمات لذاتها، ولكن لما فَشَا فيها وغلب عليها مِن المنكَرات، فقد عَلِمَ الناسُ جميعًا ما يغشى هذا المجال مِن تبرُّجٍ واختلاطٍ وميسِرٍ وخمورٍ وحفلاتٍ ماجنةٍ وشواطئٍ تُكشَف فيها العورات، وفي بعض البلدان يُضاف إلى ما سبق زيارةُ مساكِن الكفار الذين نُهينا عن الذهابِ إليها وزيارتِها إلا أن نكون بَاكِين؛ لما رواه عبد الله بن عمر ب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْـمُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَـمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ؛ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ»(1).
ولا يخفى ما في ذلك مِن مخالفةٍ للشرعِ الحنيف، ودخوله في دائرة التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].
فإن تصوَّرنا خلوَّ القطاعِ الذي تعمل فيه مِن هذه المنكَرات لم يكن حرجٌ في العملِ به، وإن ألجأتك الحاجةُ إلى قَبولِ هذا العمل أو استدامته فليكن ذلك مؤقتًا، ولتجتهد في طلبِ البديلِ المشروعِ، ولتنتقل إليه عند أول القدرةِ على ذلك، ولتجتهد في تقليلِ المفاسدِ في مدةِ إقامتك في هذا العملِ ما استطعتَ، وأن تكون سفيرَ خيرٍ لأمتك وملتك ما استطعت، والله من وراء القصد. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «الصلاة في مواضع الخسف والعذاب» حديث (433)، ومسلم في كتاب «الزهد والرقائق» باب «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين» حديث (2980).