أعمل طبيبا بشريًّا في مدينة الغردقة السياحية بمصر في عيادة خاصة لي، وجميع المرضى الذين أقوم بالكشف عليهم هم من الأجانب الأوربيين والسائحين الذين يأتون إلى المدينة للسياحة، وأحصل على أجر هذا العمل من شركات التأمين على الصحة المسئولة عن تأمين هذه الأفواج السياحية في حالة تعرضهم للمرض خارج بلادهم.
أفتوني أفادكم الله فيما يلي:
1- هل الإقامة في هذه المدينة حلال أم حرام؟ حيث إني سمعت من بعض الإخوة أنه لا يجوز الإقامة في هذه المدن السياحية لما هو معروف من حالها وكثرة الملهيات بها، وأنه لا يجوز الإعانة على إعمارها أصلًا حتى وإن كنت بعيدًا عن أماكن اللهو فيها.
ومن العلوم أنها مدينة بها الفنادق السياحية الكثيرة كما أن بها السكان من غير السائحين والذين يقيمون فيها بشكل عادي.
2- هل هذا العمل حلال أم حرام؟ مع العلم أن كل المرضى هم من غير المسلمين بل هم من الأجانب السائحين، ولكنني أعمل كطبيب وأجتهد في الالتزام بحدود الشرع في أداء مهنتي من تجنب الاختلاط وكشف العورات إلا عند الحاجة.
3- هل هذا المال الذي أحصل عليه من شركات التأمين الأجنبية نظيرًا للخدمة الطبية حلال أم حرام؟ مع العلم أن هذا النظام للتأمين على الصحة لكل الأفراد القادمين هو المعمول به في كل البلدان الأوربية، وهو الطريقة الطبيعية لديهم لدفع تكاليف العلاج، وغالب السائحين يلزمهم وجود هذا العقد عند سفرهم للسياحة.
وأنا لست طرفًا بنفسي في هذا العقد، أعني أنني فقط أسألهم ثمن الخدمة الطبية فيقدمون لي هذه العقود التأمينية فأتصل بشركة التأمين وهي تدفع لي بدلًا من المريض نفسه.
أرجو الإجابة على كل نقطة على حدة وتوضيح الدليل الشرعي كي يطمئن قلبي إلى حد الحلال والحرام في عملي. وجزاكم الله خير الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الإقامة في المدن السياحية ليس محببًا بصفة عامة، لما هو معروف عنها من كثرة فسادها وفشو منكراتها، والمسلم مطالب بأن يقيم حيث يكون أرضى لله وأعبد له، ولكن نظرًا لعموم البلوى في واقعنا المعاصر فإن من اتقى الله ما استطاع وحرص على أن يكون مُبلغًا عن الله بقوله وعمله وأمن من الفتنة في دينه فلا حرج في إقامته.
أما تطبيب المسلمين أو المستأمنين فلا حرج فيه. أما المسلم فهذا من جملة حقوقه، وأما المستأمن فهذا من جملة البر الواجب في التعامل معه ما دمت كما ذكرت تلتزم ما استطعت بالواجبات الشرعية المعروفة في باب مزاولة المهنة الطبية.
وأما أخذ الأجرة على ذلك من شركات التأمين أو من غيرها فلا حرج فيه لأنك تأخذ أجرًا لقاء ما تقدمه من خدمة، ولا علاقة لك بالعقد الذي يربط شركة التأمين مع هؤلاء الوافدين. والله تعالى أعلى وأعلم.