أعمل في إدارة الرقابة الشرعية في مؤسسة إعلامية إسلامية كبرى، وهذه المؤسسة بدأت في إنشاء قناة للدراما، محاولة التزام الضوابط الشرعية، من عدم ظهور نساء وعدم استخدام المعازف واستبدالها بالأناشيد الإسلامية، وأن تكون قصة الأعمال هادفة، وفي حال الأعمال التاريخية تتم مراجعة أحداثها تاريخيًّا، فهل العمل في الرقابة لهذه الأعمال جائز أم لا؟
وفي حال جوازه تأتينا بعض الأعمال تجسد فترة الحروب الصليبية فيرتدي فيها ممثلون مسلمون الصليب وغيرها من رموز الديانات الأخرى، فهل يجوز عرض هذه الأعمال؟ وهل يجوز قبول أعمال يقوم بالتمثيل فيها ممثلون نصارى أو مسلمون مشهورون بأدوار غير لائقة، ويؤدون فيها أدوار قادة مسلمين كقطز وصلاح الدين؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن مبنى الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأن ما لا يدرك كلُّه لا يترك جُلُّه، فإنشاء قنوات للدراما الإسلامية أحسب أنه من الخير في الجملة، وأن تعمل في مجال الرقابة على هذه الأعمال فهذا عمل مبارك في الجملة، وهو من جنس أعمال الحسبة، وورود أعمال درامية لم تُلتزَم فيها الضوابط الشرعية لا يشوِّش على مشروعية عملك، فأنت الرقيب الذي يستطيع على الأقل أن يقول لهذه المؤسسات: اتقوا الله.
ولا ينبغي أن يمارِس تجسيد الرموز الكبرى في تاريخنا قومٌ لا خلاق لهم، فعندما يكون الأمر إلينا لا نقبل بذلك ولا نترخَّص فيه، أما إذا كان الأمر لغيرنا فالعبرة بجودة الأعمال في ذاتها، فإن كان أداؤها جيدًا ولم تشُبْها شوائب موضوعية فيمكن الاستفادة من هذه الأعمال، إلى أن يهيِّئ الله للمسلمين من أمرهم رشدًا، ويشتدَّ عود مؤسساتهم، وتقوى على إنتاج بديل. والله تعالى أعلى وأعلم.