أنا مهندس من مصر وتمَّ قبولي للعمل في شركة تعمل في مجال صيانة الأجهزة الإلكترونية وأنظمة الاتصالات والحاسبات. ومن هذه الأجهزة أجهزة الصرف الآلي بالبنوك (ما يسمى بأجهزة a t m)، وسأكون أنا المسئول عن صيانة هذه الأجهزة، وللعلم أن البنوك التي نقوم بصيانة الأجهزة لها ربوية، فهل هناك شبهة في أجري من الشركة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الأصل في أعمال الصيانة أنها أعمال مشروعة ما دامت هذه الأجهزة موضع الصيانة لا تستعمل بالأصالة فيما هو محرم لذاته في الشريعة، فصيانة أجهزة الكمبيوتر مثلًا عمل مشروع وإن كان بعض مستخدمي هذه الأجهزة قد يستخدمونها استخدامًا غير مشروع، وتبقى المسئولية بعد ذلك على من يباشر الحرام، وكل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
أما إذا كانت هذه الأجهزة تستخدم استخدامًا محرمًا بالأصالة كصيانة أجهزة القمار مثلًا، أو الأجهزة التي تستخدم في تقطير الخمور ونحوه، فإنها تكون محرمةً بلا نزاع؛ لما تتضمنه من الإعانة على الإثم والعدوان. ومثل ذلك إذا كان الأعم الأغلب على استخداماتها هو الاستخدام المحرم فعندئذ تحرم قطعًا للذريعة إلى المحرمات وتجنبًا للإعانة عليها.
ولهذا تحدث أهل العلم عن تحريم بيع السلاح في الفتنة لغلبة الظن أنه يستخدم في إراقة الدماء المعصومة، وتحدثوا عن حرمة بيع العنب لشركات الخمور مثلًا لغلبة الظن أنه يستخدم في إنتاج الخمور التي حرمها الله ورسوله، وإن كان الأصل في بيع السلاح والعنب هو الحل كما هو ظاهر.
إذا تقرر ذلك فإن أجهزة السحب الآلي ليست من جنس المحرم لذاته؛ لأن فكرة تمكين العملاء من سحب أموالهم متى شاءوا من الأعمال المشروعة إذا تمت بطريق مشروع، والبنوك الإسلامية تستخدم نفس الآلية مع عملائها وإن كانت ترتب عقودها معهم في إطار الشريعة، ولكن الفساد يأتي عند استخدام هذه الأجهزة في عمليات السحب على المكشوف من خلال بطاقات الائتمان ونحوه، والبنوك الربوية تمارس كلا النوعين السحب من الحساب والسحب على المكشوف، وعلى هذا فلم يتمحض عملك في صيانة هذه الأجهزة حرامًا محضًا، بل هو مما اختلط فيه الحلال بالحرام.
فالذي يظهر لي أنه يبقى على أصله من الحل مع شوب من الكراهة يزيد بزيادة معدل استخدام هذه الأجهزة في العمليات الربوية، وتبقى المسئولية الكاملة على عاتق المستخدم لهذه الأجهزة. والله تعالى أعلى وأعلم.
العمل في صيانة أجهزة الصرف الآلي بالبنوك
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع