أعرف شركات ومحلات تجارية تحتاج إلى رءوس أموال للاستثمار فيها بجزء من الربح مع صاحب المال، كما أعرف أشخاصًا لهم أموال يبحثون عن مثل هذه الشركات أو المحلات لاستثمار أموالهم فيها بجزء من الربح 20 بالمائة مثلًا، بدلًا من اكتنازها أو استهلاكها، علمًا أن الشركات تعرفني أنا ولا تعرف أصحاب الأموال تلك، فهل يجوز لي أن أتوسط بين هؤلاء أصحاب الأموال وأرباب الشركات في قبول هذه الأموال واستثمارها عندهم بجزء من الربح لفائدة أصحاب الأموال؟ مع أخذ جزء من الربح من تلكم الأموال، كأن يكون الربح 20 بالمائة فيكون نصيبي منه 5 بالمائة وصاحب المال أردُّ له 15 بالمائة؛ فأقول لصاحب المال: إن الشركة تقبل استثمار مالك بنسبة 15 بالمائة. والاتفاق مع الشركة بنسبة 20 بالمائة. فهل هذا من قبيل السمسرة؟ وكيف الحل الأمثل لاكتساب حلال من وساطة بيني وبين الطرفين؟ أفتونا بارك الله فيكم شيخنا، وسدد الله خطاكم، ووفقكم إلى ما فيه خير للبلاد والعباد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في التوسط بين طرفين على عوض معلوم، على أن يكون ذلك مبنيًّا على الصدق والوضوح، وتذكر قول نبيك ﷺ: «فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَـهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا»(1).
إن لك أن تطلب مبلغًا مقطوعًا كأجر لهذه الوساطة، ويكون عملك هذا من جنس السمسرة، وهي عمل مشروع، ما دامت الصفقة التي تتوسط لإتمامها صفقة مشروعة، كما أن لك أن تطالب بنسبة من الربح على أن تخبره بواقع الحال، ولا ينبغي أن تخبره أن الشركة تتعاقد معه مقابل 15 % من الربح بينما تكون قد تعاقدت بالفعل على20 % ! فإن هذا من الكذب الذي لا يثبت على قدمين، وقد علمت أن الصدق أمانة وأن الكذب خيانة(2)، وسيكتشف ذلك يومًا من الدهر، ويكتشف ساعتها أنك لم تكن أمينًا معه، فيحدث في النفوس ما يحدث من التصدعات والعداوات.
والخلاصة: اشترط لنفسك ما شئت على أساس من الوضوح والصدق والشفافية. زادك الله حرصًا وتوفيقًا، والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) متفق عليه.
(2) جزء من خطبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ؛ أخرجها عبد الرزاق في «مصنفه» (11/336) رقم (20702).