أعمل حاليًّا طبيبًا في مشافي «ديترويت»، وبحكم عملي وكجزء من عقد العمل فإن شركة التأمين الصحية تكفل تغطية نفقاتي ونفقات زوجتي الصحية 100%.
في بداية هذا العام أرسلت زوجتي لتلد في سوريا، ولحقت أنا فيما بعد، وطبقًا لقوانين شركة التأمين فإن الشركة تتكفل بدفع معظم النفقات إذا كانت الخدمات الصحية قد قدمت خارج القطر.
الإشكال هو التالي: لو أن زوجتي بقيت لتلد هنا، لكان على الشركة أن تدفع ما لا يقل عن 5000 دولار لتغطية نفقات الولادة، أما ما حصل الآن فهو أن الشركة لم تدفع شيئًا، وتكلفت أنا بدفع تكاليف سفر زوجتي وسفري، علمًا أن السفر كان لغرض الولادة لا غير، ولو لم تكن هناك ولادة لما كان هناك سفر، وتكاليف عملية الولادة ذاتها مبلغ لا يتجاوز 300 دولار.
السؤال: هل يجوز أن أطالب الشركة بدفع المبلغ الذي كان يترتب عليها أن تدفعه لو أن الولادة تمت هنا؟ وهل يجوز أن يتم ذلك عن طريق ادعاء أن كلفة الولادة في سوريا تعادل الكلفة هنا؟ وإن كان لا فما هو الحل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
زادك الله حرصًا على أمر دينك ورزقنا وإياك السداد في الأقوال والأعمال اللهم آمين.
الأصل أن العاقدين على ما اشترطا في العقد إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا، قال تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].
والأصل أن العبرة في العقود بالحقائق والمعاني وليس بمجرد الألفاظ والمباني، وأنه كما يتعين اعتبار اللفظ يتعين اعتبار القصد إذا دلت عليه قرائن واضحة لا لبس فيها، وقد قال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(1).
وعلى هذا فإن التزام شركة التأمين فيما يبدو يتمثل في توفير الخدمة الطبية داخل الولايات المتحدة، ولا تمتد لتغطية الخدمات خارجها إلا إذا كان ذلك لأسباب ترجع المسئولية عنها إلى الشركة، كأن ترسل أحد موظفيها في مهمة خارج البلاد أو لعدم توافر الخدمة الطبية محليًّا مما تضطر معه إلى إرسال عميلها إلى الخارج.
أما أن يكون السفر لأسباب شخصية بحتة ترجع إلى العميل كما هو الحال في سؤالك فالشركة لا تسأل عن ذلك، وعلى من اتخذ القرار بالسفر أن يتحمل تبعاته.
وبناء على ما سبق فليس أمامك- والله أعلم- إلا أن تصارحهم بحقيقة الحال فإن هم قدروا هذه الاعتبارات وأعطوا نفقات السفر والعملية فبها ونعمت، وإلا فلتحتسب عند الله هذه النفقة وسيعوضك الله خيرًا إن شاء الله، وليس لك أن تكذب ولا أن تدلس ولا أن تغش فإن هذه كبائر ظاهرة. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) متفق عليه.