نحن مجموعة من الزملاء أنشأنا صندوقًا برأس مال مشترك، يأتينا أحد الزملاء- سواء من داخل الصندوق أو خارجه- يطلب منا شراء بضاعة، فنشتريها له، ثم نضيف تكاليف النقل والربح، وهو بنسبة مئوية، ونحن لسنا تجارًا، فهل هذه المعاملة جائزة؟ وهل يجب أن نخبر المشتري بالسعر والربح قبل أن نشتري نحن البضاعة؟ وكذلك فقد سمعنا أن البيع والشراء لا يجوز إلا للتجار.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد أحل الله البيع وحرم الربا(1)، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما لا تملك(2). كما نهى عن ربح ما لا تضمَن(3)، فلا يشرع لك أن تبيع سلعة قبل تملُّكها إلا إذا كان ذلك على وجه السَّلَم، وتكون السلعة في هذه الحالة موصوفة في الذمة وليست سلعة معينة، ويكون السَّلَم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
وعلى هذا فإذا كنت تملك السلعة قبل أن تبيعها فلا حرج عليك، ولا يلزمك أن تخبر المشتري بما قامت به عليك السلعة؛ بل يجوز لك الإعلام به فيما يسمى ببيع المرابحة، وهو البيع برأس المال وزيادة ربح معلوم، ويجوز لك أن تحتفظ بذلك لنفسك وهذا هو بيع المساومة، وكلا الأمرين مشروع.
وليس صحيحًا أن البيع والشراء بقصد الاسترباح لا يصلح إلا ممن احترف مهنة التجارة، فقد أحل الله ذلك للناس جميعًا التجار منهم وغير التجار. بارك الله فيكم، ورزقنا وإياكم الهدى والتقى والعفاف والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) قال تعالى:﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].
(2) سبق ذكره وتخريجه ليس عنده» حديث (3503).
(3) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (2/174) حديث (6628)، وأبو داود في كتاب «البيوع» باب «في الرجل يبيع ما ليس عنده» حديث (3504)، والترمذي في كتاب «البيوع» باب «ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك» حديث (1234) من حديث عبد الله بن عمرو ب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلَا رِبْحُ مَا لَـمْ تَضْمَنْ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح». وحسنه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (2870).