أنا صاحب شركة مصرية، مؤسسة فردية تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات من ١٩٩٧ بشكل غير رسمي، ومن سنة ٢٠٠٥ بشكل رسمي. تقوم الشركة بشراء Servers وتضعهم في مراكز بيانات Data Centers داخل أمريكا لاستضافة المواقع عليها.
سنة ٢٠٠٧ دخل معي شريكٌ مصري مقيم في الولايات المتحدة، وهو صديق في نفس الوقت، تَمَّ تقدير الشركة بشكل ارتجالي بـ١٠٠ ألف دولار، دخل هذا الشريك بقيمة ١٥٪، يعني ١٥ ألف دولار، دفعها عن طريق إعطائي بطاقة ائتمان بدون فوائد 0% APR وكان حدها الأقصى ١٠ آلاف أو ١٥ ألفًا لا أذكر تحديدًا. المهم أننا استعملنا البطاقةَ في مشتريات للشركة وقام الشريكُ بسداد البطاقة للبنك مباشرة.
في الفترة بين سنة ٢٠٠٧ وسنة ٢٠٠٩ تعاملت الشركةُ مع جهات أمريكيَّة (بنوك وشركات) من خلال الشريك المقيم في أمريكا، وتراكمت عليها ديونٌ قيمتها حوالي ٥٠ ألف دولار، كانت القيمة حوالي ٦٤ ألفَ دولار، وقمنا بسداد ١٤ ألفًا تقريبًا وتبقى الـ٥٠ ألف دولار حتى نهاية عام ٢٠١٠ لم تسددهم الشركة. طبعًا تمَّ تحويل الديون إلى وكالات تحصيل وبدءوا في الاتصال بالشريك المقيم في أمريكا لتحصيل المبلغ، وكانت الشركة متعثرةً في ذلك الوقت.
مع بداية عام ٢٠١١ حدث اندماجٌ بين الشركة المصرية وشركة أخرى سعودية تعمل في نفس المجال، وكان من ضمن اتفاق الاندماج هو أن يكون الرصيد المحاسبي للكيان الجديد بدايةً من ١/١/٢٠١١ صفرًا، وبالتالي أيُّ ديون قديمة أو أرباح قديمة لأي من الشركتين هو مسئولية مالكي الشركتين قبل الاندماج، وبالتالي الكيان الجديد غيرَ مسئول عن سداد الديون القديمة للشركتين.
في منتصف عام ٢٠١١ اتصل بي الشريكُ المقيم في أمريكا وأخبرني أنه في حاجة إلى هذا المبلغ؛ حيث إنه دفعَه بالفعل بالإضافة إلى مبلغٍ كاش حوالي ٢٧ ألف دولار كنا قد اقترضناه منه، وبالتالي طالبني بحوالي ٧٧ ألف دولار أمريكي، فأخبرته أنني لا أستطيع السداد، وطلبت منه أن يمهلني.
بعدها بفترة اتصل مرة أخرى وطالبني بالمبلغ فاعتذرت لنفس السبب، فاقترح عليَّ أن يشتري من أسهمي في الكيان الجديد بقيمة المبلغ، فوافقت. قدرنا المبلغ (الـ٧٧ الف دولار) بـ 7.5٪ من الكيان الجديد، وبالتالي تكون نسبةُ شريكي المقيم بأمريكا هي: ٥٪ عبارةٌ عن الـ ١٥٪ حصته في الشركة قبل الاندماج، حيث إننا قدرنا الشركة المصرية بحوالي ثلث قيمة الكيان الجديد، 7.5٪ عبارة عن قيمة المبلغ (حوالي ٧٧ ألف دولار). وبالتالي تصبح حصته 12.5٪ من الكيان الجديد، وأنهينا الأمر على هذا.
ملاحظة: لظروف كثيرة لم يتمَّ تسجيلُ أية حصص في الكيان الجديد لا أنا ولا هو.
استمر الحال على هذا الاتفاق إلى أن علمت قَدَرًا أن شريكي لم يقم بدفع الـ٥٠ ألف دولار قيمة المديونية للجهات الأمريكية، وأنه قام بتسوية المبلغ مع الجهات الدائنة، ويبدو أن هذا أمرٌ معتاد في أمريكا، وأنه بدلًا من دفع ٥٠ ألف دولار فإنه يدعي أنه دفع ٢٩ ألف دولار، ولم يُثبت حتى هذا المبلغ، حيث إنني طالبته بإظهار أوراق اتفاق التسوية ولكنه رفض.
هو يدعي أن مبلغ المديونية الـ٥٠ ألف دولار هو دينٌ بيني وبينه، ولذلك ليس من حقي معرفة إن كان سدَّده أم لا، وفي الحقيقة أنها لم تكن دينًا بيني وبينه وإنما هو دينٌ على شركتنا لجهات أخرى، وتكفل هو (مرغمًا طبعًا لأن الدين على اسمه؛ حيث إن شركتنا المصرية لم يكن لها صفة في أمريكا)، تكفل هو بالسداد، وعندي شهود على أنه لم يكن دينًا بيني وبينه.
سؤالي هو: هل يجوز لي إلغاء عملية البيع التي تمَّت بيني وبينه على الهاتف عام ٢٠١١؛ لأنه كذب عليَّ عندما قال أنه بالفعل دفَع هذه المبالغ، بينما هو لم يفعل ودفع أقل منها ولم يخبرني بأمر التسوية نهائيًّا؟
وبالتالي إن جاز هذا الأمر تُصبح حصته ال ٥٪ الأصلية بالإضافة إلى مبلغ سائل أسدده له ولا يكون لزامًا عليَّ احتسابُ قيمة المبلغ السائل بقيمة من حصتي بالشركة باعتبار أن عملية البيع ألغيت. أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن التصالح مع شركات التحصيل على إلغاء نسبةٍ من المديونية أمرٌ شائع في المجتمع الأمريكي، فإن كانت الشركة قائمةً عند هذا التصالح استفادَ من هذا الخصمِ جميعُ الشركاء، وإن كانت الشركة قد أُلغيت وتحمل الشركاء في ذممهم الشخصية نتيجةَ هذا التخارج، فيحتمل أن تكون الديون قد أصبحت ديونًا شخصية، وليست ديونًا عامةً على شركة؛ لأن الشركة ببساطة قد أُلغيت.
فلا يجمل القفزُ إلى إنهاء عقد البيع بسبب الكذب كما تذكر، وإنما هذه خصومة مالية تُسوَّى وَفْقًا لقواعد العدل، ولا علاقة لها بفسخِ العقد أو إمضائه.
ووجه ذلك أن الموقف محتملٌ، لقد كان الدَّين كما ذكرت- دينًا على الشركة عند إنشائها. ولكن بعد إنهاء الشركة للاندماج في شركة جديدة، وتسوية الموقف المالي للشركة القديمة، والتخارُج منها- فيُحتمل أن يتحول الدَّين من دينٍ على الشركة إلى دين شخصي؛ لأن الشركة القديمة قد تَمَّ إنهاؤها، ولم يعد لها وجودٌ قانوني ولا شرعي.
وأرى أن تأتمروا بينكم بمعروف، وأن تحلوا هذا الموقف صلحًا، ورحم الله أمير المؤمنين عمر الذي قال: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن(1). والله تعالى أعلى وأعلم
________________
(1) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (8/ 303) حديث (15304)، والبيهقي في «الكبرى» (6/ 66) حديث (11142)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (4/ 534) حديث (22896).
إلغاء نسبة شريك في الشركة الجديدة لكذبه في أدائه مديونية الشركة القديمة
تاريخ النشر : 14 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع
فتاوى ذات صلة:
