فضيلة الشيخ، حفظكم الله وسدد خطاكم، هذه فتوى عاجلة جدًّا، فإننا- أنا وبناتي اللواتي فوق الثامنة عشرة من عمرهن- على وشك دخول السجن إن لم نسرع بفعل شيء، فأرجو السرعة في الجواب لأنني بحاجة لمعرفة التصرف مع ما سأذكره لكم، ولكم من الله جزيل الشكر.
كان زوجي رحمه الله يعمل في الصيرفة، وكان بعض الأشخاص يضعون أموالهم معه ليتاجر بها، ويحصل على أرباح، ويكون لأصحاب المال نسبة منها. وفي آخر عامين من حياته تعرض لخسائر متتالية وكبيرة جدًّا، فصار يستدين من بعض الناس ليتابع عمله. ولما توفي ترك ديونًا طائلة جدًّا، ولم يترك لنا أي مورد نعيش منه، وعندي خمسة أولاد ما زالوا يتابعون الدراسة، والذكور منهم دون الثامنة عشرة، وقد تكفَّل بعض المحسنين بدفع الأقساط المدرسية. نعيش في بيت بالإيجار، وقد تكفل أخ محسن بدفع إيجاره، مصروفي الشهري الآن أنا وأولادي من مساعدة بعض الإخوة بالإضافة إلى أخي زوجي. في بعض الأحيان أستطيع ادخار مبلغٍ زهيدٍ جدًّا أتركه للأمور الطارئة، وفي كثير من الأحيان لا أستطيع. أحد الأشخاص الذين وضعوا أموالَهم للتجارة عند زوجي ادَّعى علينا أمام القضاء اللبناني لاسترداد أمواله، وبما أننا لا نملك شيئًا سِوى أثاث المنزل صدر حكم بالحجز على الأثاث، فحجز على جزء منه، لأننا أخفينا الجزء الآخر قبل الحجز. ومع العلم أن الأثاثَ وإن بيع كله لا يفي ولا خمسة بالمائة من الديون كلها، ومن الأثاث مكتبة كبيرة مليئة بالكتب. فأريد أن أعرفَ: هل يجب عليَّ أن أبيعَ الأثاث؟ رغم أنه لا يساوي القليل؟ هل يجب علينا قضاء دينه وحالنا كما ذكرت سابقًا؟ وإن كان سدادها واجبًا هل يكون السداد لأصحاب الدين فقط أم لأصحاب الدين والتجارة أيضًا؟ وإلى متى سيبقى الدين واجبًا في حقي وحق أبنائي؟ وهل لقضاء الدين زمن محدد؟ أرجو التفصيل بهذا الأمر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الحجر على المفلس أمر ثابت في الشريعة الإسلامية، ويُقصد منه: منع المدين من التصرف في ماله حمايةً لحقوق دائنيه. وينفق على المفلس وعلى مَن تلزمه مؤنته بالمعروف من ماله كما يقول ابن قدامة :، والواجب من النفقة والكسوة أدنى ما ينفق على مثله بالمعروف. وعلى هذا فإن حقكم في الأثاث إنما يكون في الحدِّ الأدنى الذي تقوم به حياة مثلكم وما زاد على ذلك فإنه يدخل في أموال التفليسة ويشمله الحجر، هذا ولا يلزمكم من الناحية القضائية إلا توزيع ما حُجز عليه من الأموال على الغرماء، وليس للغرماء إلا ذلك، وحساب المتوفي على الله عز و جل . والله تعالى أعلى وأعلم.