كنت أريد أن أسأل حضرتك عن حكم أخذ ما يسمى بـ(الخلو) في مصر من صاحب العقار أو من مستأجرٍ آخر للعقار، حيث كُنا نؤجر عقارًا بالقانون القديم للإيجار، كما تعرف حضرتك تفاصيله، فهل يجوز أن نأخذ (الخلو) من صاحب العقار أو من مستأجرٍ آخرَ؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الامتداد القانوني لعقودِ الإيجار رغمًا عن المالك من الباطلِ الذي فرضته القوانينُ الاشتراكية، وأخذُ بَدلٍ مقابلَ إخلاء الشقة وتسليمها للمالك من أكل أموال الناس بالباطل، فلا يحلُّ شيءٌ من ذلك إلا عن تراضٍ من المالك وطِيب نفس منه. وقد سئلت دار الإفتاء الاردنية عن مثل ذلك فاجابت إجابة مفصلة نسوقها بنصها ومنه يعلم الامر (مستأجر في أحد المحلات التجارية يريد إخلاء المحل وتسليمه لمستأجر جديد بموافقة المالك، وباتفاق الأطراف الثلاثة على الشروط الخاصة بعقد الإيجار، فهل يجوز لمالك المحل أن يأخذ نسبة من مبلغ “الخلو” بدل إخلاء بدل إخلاء المحل من المستأجر القديم؟
فأجابت (ما يأخذه المالك من المستأجر القديم من بدل خلو لا يخلو من أحوال:
أولاً: أن يكون المستأجر القديم في مدة إجارته المتفق عليها، فأراد بيع حقه لمستأجر جديد، فلا حرج عليه، وليس للمالك في هذه الحالة أخذ مبلغ خلو منه إلا إن اتفق معه في عقد الإجارة القديم، أو رضي المستأجر القديم بذلك.
ثانياً: أن تنتهي مدة المستأجر القديم، فلا يحل له أخذ شيء من الخلو؛ لأن ملكه للمنفعة قد زال، وتكون نسبة الخلو كلها للمالك كجزء مقدم من أجرة المستأجر الجديد.
ثالثاً: أن يكون المستأجر القديم في مدة الإجارة الطويلة- التي تجيزه بعض القوانين-خلافاً لمدة الأجرة المتفق عليها، فلا يحل للمستأجر القديم أخذ شيء من الخلو إلا بموافقة المالك، فإن لم يوافق فبدل الخلو من حق المالك، يأخذه كجزء مقدم من أجرة المستأجر الجديد.
وقد وردت بعض صور الخلو في كلام فقهاء المالكية كالعلامة عليش حيث يقول: “إن كان الساكن الذي أخذ الخلو يملك منفعة الحانوت مدة فأسكنها غيره وأخذ على ذلك مالاً: فإن كان الآخذ بيده إجارة صحيحة فهو سائغ له الأخذ على تلك المنفعة التي يملكها. وأما إن لم يكن مالكاً للمنفعة بإجارة صحيحة فلا عبرة بخلوه، ويرجع دافع الدراهم بها على من دفعها له” “فتح العلي المالك” (2/250) باختصار.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي (رقم/31): “إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول، ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة للأحكام الشرعية. على أنه في الإجارات الطويلة المدة خلافاً لنص عقد الإجارة طبقاً لما تسوغه بعض القوانين لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيها إلا بموافقة المالك. أما إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو، لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العي
ومما هو جدير بالذكر أن دارالإفتاء المصرية تجيز أخذ هذا الخلو بناء على الامتداد القانوني لعقد الإيجار، فقد سئلت (كنا نسكن مع والدنا في شقة بالإيجار، وقد توفي والدي، وكان قد ترك لنا قطعةَ أرضٍ فضاء قمنا ببنائها لمسكنٍ مناسبٍ في بلدنا وانتقلنا إليه وأغلقنا الشقة، والآن جاء صاحب الشقة وقال لأمي وأخي الأكبر: أنا أريد الشقة وسوف أعطيكم مبلغًا من المال مقابل التنازل عن العقد، فوافقت أمي وأخذت المبلغ الذي أعطاه لها، وتنازلت عن العقد. وتطلب السائلة بيان رأي الشرع في ذلك؟
فأجابت ( يجوز شرعًا للأم أخذ هذا المال؛ لأنه مقابل تنازلها للمالك برضاها عن استمرار حقِّها في الانتفاع بعقد الإيجار الممتد بقوة القانون، بشرط أن لا تكون مدة الانتفاع بالعقد قد تجاوزت تسعين سنة) والله تعالى أعلى وأعلم.
أخذ خلو من مالك الشقة للخروج منها
تاريخ النشر : 14 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع, 06 قضايا فقهية معاصرة
فتاوى ذات صلة:
