هل credit card حلال أم حرام؟ مع العلم أنني أسدد شهريًّا حتى أجتنب الربا، وبالرغم من ذلك أحس بالذنب. و شكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن بطاقات الائتمان لا يُرخص فيها إلا تحت وطأة الضرورات، أو الحاجات العامة التي تنزل منزلتها، لأن مبدأ التوقيع على عقدها يحمل مخالفةً شرعية، تتمثل في الإقرار بالشرط الربوي الذي تتضمنه البطاقة الائتمانية، وهو الالتزام بدفع الفوائد عند التأخر في السداد، والدخول في العقود الفاسدة لا يحلُّ، ولهذا كانت فتوى المجامع الفقهية في الشرق على منعها، لوجود البدائل وعدم عموم البلوى بها، والفتوى في الغرب على الترخُّص فيها في إطار الضرورات والحاجات العامة، لعموم البلوى بها، ولانعدام البدائل الشرعية لها.
ومن ناحية أخرى فإن الشريعةَ لا ترغِّب في الاستدانة، ولا تغري به على النحو الذي تفعله الثقافات الرأسمالية القائمة على إغراق الناس في مستنقع الديون وتحويلهم إلى تُروس تعمل لتشغيل الآلة الرأسمالية وتدور في فلكها.
إن المبدأ الشرعي في هذا المجال هو قوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: 7]. والدين كما نعلم جميعًا همٌّ بالليل وذلٌّ بالنهار، وكان نبينا في أول الأمر لا يُصلي على من مات وعليه دين، ولم يترك وفاءَ، وكان يقول: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»(1).
ومن تجاربنا التي لا تكاد تحصى في الغرب، أن جُلَّ الأزمات المالية كانت من وراء التوسُّع في الاستدانة والعجز عن الوفاء في نهاية المطاف، والسعيد من وُعِظ بغيره. وما نبأ الأزمة المالية العالمية ببعيد!
ولهذا فإن وصيَّتي لك أن لا تستعملها إلا تحتَ وطأة الضرورات أو الحاجات الماسة، وإلا حيث يغلب على ظنك القدرةُ على الوفاء في المواقيت، بحيث لا تقع تحت طائلة هذه الاشتراطات الربوية. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) ففي الحديث الذي أخرجه البخاري في كتاب «الحوالات » باب «إن أحال دين الميت على رجل جاز» حديث (2291) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أُتي بجنازة فقالوا: صلِّ عليها. فقال: «هل عليه دين؟»، قالوا: لا. قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: لا. فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله صلِّ عليها، قال: «هل عليه دين؟» قيل: نعم. قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها. ثم أُتي بالثالثة، فقالوا: صلِّ عليها. قال: «هل ترك شيئًا؟» قالوا: لا. قال: «فهل عليه دين؟» قالوا: ثلاثة دنانير. قال: «صلوا على صاحبكم». قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعلي دينه. فصلى عليه.