هناك أحد الأشخاص يُجهِّز مبلغًا من المال لشراء سيارة له، ثم نزلت نازلة بأحد أقاربه فقصده في هذا المال على سبيل القرض فقال له: لا أقدر على الحياة بدون سيارة. فقال له قريبه: أعطني هذا المبلغ وسأستأجر لك سيارة على حسابي الخاص في هذه الفترة حتى سداد الدين.
فهل يدخل هذا في القرض الذي يجرُّ النفع الذي هو صورة من صور الربا؟ وهل هناك صورة شرعية بديلة إن كانت هذه الصورة غير مشروعة؟ علمًا بأن بينهما رَحِمًا وقرابة، وهما معتادان على تبادل المعروف والإحسان.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فهذه الصورة المذكورة من أبين صور القرض الذي جرَّ نفعًا وأظهرها، ولا يشفع في تسويغ ذلك تبادلُ معروفٍ سابق بينهما؛ لأن المعروف في هذه المرة ما كان إلا بمناسبة القرض، بل هو كالمصرح به.
ويبدو أن الحل هو أن يتحمل صاحب المال عناء غياب السيارة في مدة القرض، ومن يصبر يصبِّره الله عز وجل (1)، ولعل الله جل وعلا أن يريه من ألطافه وفيوضاته بسبب هذا الإيثار ما لم يكن يخطر له على بال. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «الاستعفاف عن المسألة» حديث (1469)، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل التعفف والصبر» حديث (1053)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده فقال: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».