أصحاب الفضيلة العلماء، أفتونا مأجورين، لا يخفى عليكم حاجة الناس إلى شراء بيت وحرص كثير منهم على أن يتمَّ شراء البيت عن طريق الشَّريعة الإسلاميَّة والابتعاد عن الشُّبهات ما أمكن.
وقد طلب منِّي البنك أن أقدِّم لهم عرضًا يوافق الشَّريعة الإسلاميَّة ويراعي خصوصيَّة البنك نفسه؛ وحيث إنَّه تعذَّر على البنك اعتماد الحلول المعمول بها مثل بيع المرابحة أو الإجارة المنتهية بالتمليك فقد قصدت أن أعرض عليهم ما يلي ولكن بعد استفتائكم:
(1) يختار المشتري البيت ويطلب من البنك شراءه.
(2) يشتري البنك البيت فيصير هو المالك للبيت.
(3) يبيع البنك البيت إلى المشتري بيع مرابحة، ويتمُّ الاتفاق على أنَّ الدَّفع يكون على النَّحو التَّالي:
أ. يدفع جزءًا من الثمن عند كتابة العقد.
ب. يدفع الجزء الثاني من الثمن في شكل أقساط خلال مدة من الزمن متفق عليها.
ج. يدفع الجزء الثالث والأخير عند نهاية المدة الزمنية المتفق عليها.
إذا تعذر على المشتري دفع الجزء الأخير الباقي في ذمته ترتب ما يلي:
أولًا: البنك يقيل المشتري، ويترتب على هذه الإقالة أن يرد البنك للمشتري جميعَ ما دفعه وتعود ملكية البيت إلى البنك.
إن رغب نفس المشتري أن يشتري نفس البيت من البنك فإن ذلك يكون بعقد جديد مثيل للعقد الأوَّل الذي دخل به مع البنك، غير أن السعر سيختلف باختلاف سعر السوق والأجل الذي سيتفق عليه.
فهل هذه الإقالة صحيحة شرعًا؟ وإذا لم تكن شرعية فكيف يمكن تصحيحها؟
ثانيًا: يتم تقويم البيت ويصير البنك شريكًا بنسبة المال المستحق له (لنَقُلْ: صار البنك شريكًا بنسبة 30%) ثم يتم إبرام عقد بيع مرابحة جديد يتم من خلاله بيع حصة البنك بعد الاتفاق على سعر جديد وأجل جديد محدد.
فهل هذا الحل سائغ شرعًا؟ أم هل يعد من باب بيع الدَّين بالدين؟
ملاحظة: العقد لا يتضمن شرطًا جزائيًّا عند عدم دفع قسط من الأقساط في وقته، والحل هو إما إمهال المشتري إذا كان يرجى منه دفع ما عليه أو بيع البيت بقصد استيفاء الدين إذا تبين أن المشتري غير قادر على تسديد الأقساط بحسب ما هو متفق عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
في الحل الأول لا يظهر لنا وجه من وجوه الفساد في هذه الصورة، ويعتبر هذا فسخًا للعقد لعجز أحد أطرافه عن الوفاء بالتزاماته؛ فإن الاتفاق على فسخ العقد عند عجز أحد أطرافه عن الوفاء بالتزامه من الحلول المقبولة شرعًا، والله تعالى أعلى وأعلم.
أما الحل الثاني فيخشى أن يؤول إلى بيع الدين بالدين وأن يكون ذريعة يتحيل بها إلى الربا؛ لأن حقيقة الأمر أن المدين أعسر فبحثنا عن تخريج نستحل به زيادة قيمة الدين عليه مقابل إنظاره!! فالحل الأول أقرب لقواعد الشريعة وأتبع لمقاصدها.
والله تعالى أعلى وأعلم.