طبيب يريد أن يقترض من بنك ربوي في أمريكا لينشئ عيادته الخاصة

أنا طبيب أسنان مقيم في أمريكا منذ حوالي ١٢ عامًا تقريبًا، أعمل في عيادة شخص آخر بعيد عن سكني حوالي ساعة ونصف منذ ٦ سنوات، أتمني أن تكون لي عيادة خاصة بي منذ زمن طويل، ولكن يستحيل عليَّ توفيرُ المبلغ المطلوب، منزلي بالتقسيط من بنك إسلامي ولكن لا يوجد حتى الآن بنوك إسلامية في أمريكا تسمحُ بالاقتراض لغرض إنشاء عيادة أسنان.

أصبح من الصعب عليَّ استكمالُ عملي بهذا الشكل. هل من الممكن الاقتراضُ من البنوك المحلية هنا وهم يُقرضون بفائدة؟

لي أصدقاء أطباء أكثر تدينًا مني واتجهوا هذا الاتجاه واقترضوا وأنشأوا عياداتهم الخاصة منذ زمن؛ لأنهم لم يجدوا سبيلًا آخر.

أنا في حيره من أمري، هل يجوز لي الاقتراض من البنوك المحلية هنا إذا اضطُررت لذلك وقيامي بالتسديد بأسرع وقت؟ وشكرًا.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فشكر الله لك غَيْرَتك وحرصك على التحرِّي في مطعمك ومشربك وسائر شئون حياتك.

وأود أن أؤكد أن الرِّبا من كبائر الذنوب التي توعَّد اللهُ أصحابها بحربٍ معلنة منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم([1])، ولعن رسوله صلى الله عليه وسلم كلَّ أطرافها، حيث صح عنه أنه لعَن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: «وَهُمْ سَوَاءٌ»([2]).

والاقتراض بالربا لا يرتقع إثمه إلا عند الضرورات، وما ذكرته لا يرقى إلى مستوى الضرورة، بل هو حاجةٌ، والربا لا تُبيحه الحاجات، بل الضرورات.

فاصبر نفسك على أمر الله عز وجل، واجتهد في التماس البدائل المشروعة، والزم باب الدعاء والضراعة والاستغفار، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح: 10 – 12].

وأرجو أن تجد تأويل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]. فإن من تركَ شيئا لله أبدله الله خيرًا منه([3]). والله تعالى أعلى وأعلم.

([1]) قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)} [البقرة: 278، 279].

([2]) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «لعن آكل الربا ومؤكله» حديث (1598) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

([3]) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 78) حديث (20758)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/ 178) حديث (1135)، من حديث يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل من الصحابة بلفظ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ الله جَلَّ وَعَزَّ إِلَّا أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْهُ»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 269) وقال: «رواه كله أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح».

تاريخ النشر : 14 فبراير, 2019
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend