رد الدين بقيمته بين سعره يوم العقد وسعره يوم الوفاء

صاحب الفضيلة أخذت من قريبة لي مبلغًا بالدولار لأستثمره لها، وبعد فترة لم نتفق وانتهى أمرنا إلى فسخ العقد ورُدَّ المبلغ، وليس معي الآن دولارات، فهل أقضيها دينَها بقيمة الدولار يوم استلمت المالَ أم بقيمته يومَ الفسخ والوفاء بالدين؟ فقد اختلفنا في ذلك ووقعت بيننا وحشة ونفرة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ في الديون أن تُرَدَّ بأمثالها لا بقِيَمِها، ويجوز ردُّ الدين بعُملة غير العملة التي سلم بها، على أن تقع المقاصة بسعر يوم الوفاء، وليس بسعر يوم العقد، والأصل في ذلك حديثُ ابْنِ عُمر رضي الله عنه قال: كُنْتُ أبِيعُ الْإِبِل بِالدنانِيرِ- أي مؤجلًا- وآخُذُ الدراهِم، وأبِيعُ بِالدراهِمِ وآخُذُ الدنانِير، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَـمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ»(1).
لقد ثبت لها في ذمتك مبلغًا بالدولار؛ فإما أن تقضيها بالدولار، وهذا هو الأصل، أو ما يساوي هذا المبلغ بأيِّ عملة أخرى، ولكن بسعر الدولار يوم الوفاء.
ويبقى بعد ذلك أن صلةَ الرحم تقتضي التغافُرَ والتسامح، لاسيما إذا كان الله جل وعلا قد وسع عليك في الرزق وفتح لك أبوابه، ولا ينبغي أن تؤدي الدراهم والدنانير إلى تمزيق الوشائج، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، وكان الأولى أن تكون المبادرةُ من جانبك بما يُطَيِّبُ نفسَ قريبتك، ويستَلُّ سخيمَتَها، فلا حسد إلا في اثنتين: «رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْـحَقِّ… إلخ»(2).
واذكر قولَ الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [التغابن: 16]. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 14 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 06 قضايا فقهية معاصرة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend