أسكن في أمريكا وكل سنة علي التنقل من بيت لآخر، مرة بسبب صغر البيت، ومرة بسبب الحشرات، ومرة بسبب رفع الإيجار، فأنا الآن أفكر بشراء بيت عن طريق البنك، هل يجوز لي هذا في بلاد الغرب وينطبق عليَّ حُكم الضرورات تبيح المحظورات؟ علمًا بأني حاولت شراء بيت عن طريق البنوك الإسلامية هنا ولكن شروطهم كانت صعبة علي ولم تتوافر بي. جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الاقتراض بالربا محرم في جميع الملل وفي جميع الأماكن، ولا يترخص فيه إلا عند الضرورات أو الحاجات العامة بضوابطها الشرعية التي تنزل لها منزلة الضرورات، فإذا بلغت بك الضرورة أو الحاجة هذا المبلغ فيمكنك الترخص في ذلك شريطة الاقتصار على ما تندفع به الضرورة أو الحاجة الماسة، وقد بحث مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا هذه النازلة وأكد فيما يتعلق بها على ما يلي:
– إن فوائد البنوك هي الربا الحرام، وإن الاقتراض بالربا لا يترخص فيه في الأصل إلا عند الضرورات، سواء أكان ذلك لبناء المساكن أم لغيره، وإن الحاجة العامة قد تُنزَّل منزلةَ الضرورة في إباحة المحظور متى توافرت شرائط تطبيقها، ومنها:
• تحقق الحاجة بمفهومها الشرعي وهو دفع الضرار، والضعف الذي يصدُّ عن التصرُّف والتقلب في أمور المعاش.
• ومنها انعدام البدائل المشروعة، وذلك بأن يعمَّ الحرام، وتنحسم الطرق إلى الحلال، وإلا تعيُّن بذل الجهد في كسب ما يحل.
• ومنها الاكتفاء بمقدار الحاجة، وتحريم ما يتعلق بالترفُّه والتنعم.
• ومنها انعدام القدرة على التحول إلى مواضع أخرى يتسنى فيها الحصول على البديل المشروع.
– ثم بين بناءً على ذلك أن الأصل في العاجز عن تملُّك مسكن بطريق مشروع لا ربا فيه ولا ريبة أن يقنع بالاستئجار، ففيه مندوحة عن الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الربا، وإنه إذا مثل الاستئجار حرجًا بالغًا ومشقةً ظاهرة بالنسبة لبعض الناس، لاعتبارات تتعلق بعدد أفراد الأسرة، أو لغير ذلك- جاز لهم الترخص في تملُّك مسكن بهذا الطريق في ضوء الضوابط السابقة، بعد الرجوع إلى أهل العلم لتحديد مقدار هذه الحاجة، ومدى توافر شرائطها الشرعية، وذلك للتحقق من مدى صلاحيتها بأن تُنزَّل منزلةَ الضرورة في إباحة هذا المحظور. والله تعالى أعلى وأعلم.