بيع السيارات بتسهيلات من البنوك للعملاء(3)

مرة أخرى أعبر عن جزيل شكري وامتناني لمجهوداتكم الكبيرة للمساعدة في هذا الشأن.
فضيلة الشيخ، أعتقد أن الصورة أصبحت أكثرَ وضوحًا الآن، فأنا أفكر بشكل دقيق في البيع بالأجل بحيث إذا باع شريكي (الذي أصبح الآن المالك للوكالة بالكامل، والذي انتقلت له المسئولية بالكامل عن السيارات غرمًا وغُنمًا وضمانًا) سيارةً أحصل منها على قيمة السيارة بالإضافة إلى نسبة الربح المتفق عليها؛ بغض النظر عن قيمة بيعِه للسيارة، على أن أحتفظ بقيمة هذه السيارات كدينٍ في ذمة شريكي، وأن تتم هذه العملية بشكل تلقائي (بحيث أبيعه ويشتري مني بشكل مستمر). فإذا قام شريكي ببيع 20 سيارة فلي عنده قيمة 20 سيارة إضافة إلى الربح المتفق عليه، وإذا لم يقم ببيع أي سيارة فليس عليه سداد قيمة السيارات أو الربح.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن مقتضى البيع بالأجل إلى رفيقك في هذه التجارة، أن تنتقل السيارات جميعًا إلى ملكيته، فيستقل بها كما قلنا غُنمًا وغُرمًا وضمانًا، وكلما نفدت السيارات اشتريت كمية جديدة وبعتها له بالجملة بيعًا مؤَجَّلًا، وهكذا.
ولكن هذا يتعارض مع قولك: (وإذا لم يقم ببيع أي سيارة فليس عليه سداد قيمة السيارات أو الربح)؛ لأن فرض المسألة أنه اشترى بالفعل منك، واستقلَّ بالغُرم والغنم والضمان، وترتب لك في ذمته قيمةُ هذه السيارات، فكيف يقال أنه إذا لم يبع فليس عليه شيء: لا قيمة السيارة ولا الربح؟!
والمخرج من هذا أن تُحدث تصفيةً مثلًا في نهاية العام، أو في أي وقت تتفقون عليه، وتُعطيه الحقَّ في ردِّ ما لم يبع من السيارات إليك، على النحو الذي تفعله الشركات الأمريكية والكندية،حيث تعطي العميل الحقَّ في رد السلعة في أي وقت شاء، أو خلال مدة معينة يتفق فيها مع العملاء، وبهذا تُشارك في ضمان ما لم يُبع من هذه السلع، ثم لك بعد ذلك أن تُجدِّد بيعه له بصورة أخرى، أو تبيعه لغيره، أو تتصرف فيه على النحو الذي يحقق مصالحك الاستثمارية.
أو أن يقال إنه وكيلك في بيع هذه السيارات التي لا تزال في ملكك وفي ضمانك، وذلك في ضوء الاتفاق الذي تُرتِّبه معه، فما باعه أعطاك ثمنَه ورِبْحَه، وما لم يبعه ردَّه إليك.
ولكن هذه الصيغة لا تُجنِّبُك الحرجَ الشرعي الذي أردت أن تتجنبه بكل هذه المحاولات؛ لأن تصرفات الوكيل تنصرف إلى ذمة الموكل، فكل ما يقومُ به من إجراءات في عملية البيع يقوم به باسمك ونيابة عنك، وتقع على عاتقك تبعاتها الشرعية.
ولكن الذي تستفيده من صيغة البيع بالأجل أنك تنقل المسئولية الشرعية عن المشاركة في التسهيلات الائتمانية إلى شريكك، فأنت تبيعه بعقد صحيح نقيٍّ، ليس فيه شوائب هذه الإعانة، وينظر هو في خلاصه من حساب ربه عز وجل، ولعله هو ينظر في حلِّنا السابق، ويُعِد له العدة؛ وذلك بأن يفصل إدارة التمويل عن شركته، ويولي أمرَها أحدًا من غير المسلمين بالكلية، حتى يتخلص من تبعات الإعانة على التمويل الربوي. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 07 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 06 قضايا فقهية معاصرة
التصنيفات الفقهية:  

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend