السَّادة العُلَماء الأجلاء، سؤالي عن حكم الصِّرافة في الإسلام «تبديل العملات»؟ وحكم الشَّخص الذي استدان من صديقه ألف دولار مثلًا لمدة سنة، وعند حلول موعد السَّداد طلب من صديقه أن يُعيد له المبلغ بالجنيه؟
وماذا عن تغير قيمة العُمْلة، أي لو استدنت من شخصٍ ألفَ دولار وقيمتها بخمسة آلاف جنيه، وبعد شهور عندما أردت سداده إياها أصبحت قيمتها ألفين ونصف؟ أي خسرت النصف، هل أنا مطالب بالفرق؟ وهل يجوز أن أعوِّضه، سواء بإلزامه لي، أو برغبة مني شكر ما أسداه لي من معروف ومن غير إلزام منه؟ بارك اللهُ فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن العملَ في مجال الصِّرافة مشروعٌ إذا جرى على وفاق الشَّريعة، ومن أحكامه أنك إذا صرفت عملة بمثلها، دولارًا بدولار مثلًا، لزمك أمران: التَّماثل والتَّقابض، مثلًا بمثل يدًا بيد.
وإن صرفتَ عملة بغير جنسها لزمك التَّقابض وجاز التَّفاضل، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد(1).
والأصل في الديون أن تُرَدَّ بأمثالها لا بقيمها، ولا عبرة بالتَّذبذب الذي يحدث في أسعار العملات، اللَّهُمَّ إلا إذا حدث انهيارٌ للعملة أو إلغاء للتَّعامل بها، فحينئذٍ تلزمك قيمتها يوم التَّعاقد، أو يوم الانهيار أو الإلغاء، على خلاف بين أهل العِلْم. مع ملاحظة أن المنعَ من الزيادة في القرض إنما ينصرفُ إلى الزيادة المشترطة، فلا يدخل في ذلك حُسن القضاء مثل أن يتطوع المدين بزيادة من عنده دون أن يتضمنها شرطٌ أو أن يقتضيها عُرف.
وإذا استدنت عملةً جاز لك السَّداد بعملةٍ أخرى على أن يتمَّ الصرف بسعر يوم الوفاء، إذا تفرَّقتما وليس بينكما شيءٌ.
والأصل في ذلك حديث ابن عمر: كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم، فنأخذ عنها الدَّنانير وبالعكس، فسألنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لَا بَأْسَ أَنْ تُؤْخَذَ بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَبَيْنَهُمَا شَيْءٌ»(2). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مسلم.
(2) أخرجه مسلم.