عندي سؤال من جزأين فبالله أود الإجابة على الجزأين:
زوجي يعمل في صندوق النقد الدولي (المقر الرئيسي بواشنطن دي سي). ويود أن يعرف إن كان العملُ في هذه المنظمة حلالًا أم لا.
نشاط المنظمة كالتالي:
هناك دول رئيسية وهي التي تقوم على تمويل المنظمة. الهدف الرئيسي للمنظمة هي مساعدة الدول التي تُريد المساعدة المادية، وأيضًا من يريدون الاستعانة بخبرات المنظمة لنمو اقتصاد البلد.
شرط الإقراض هو أن تقوم البلدُ التي تُريد المساعدة المالية بتقديم خطة اقتصادية للمنظمة التي سوف ستُساعدها على تخطِّي محنتها، وبالتالي تستطيع من خلالها رد المبلغ المقترض.
المنظمة تدرس تلك الخطة ثم توافق أو تعرض خطةً أفضل من أجل أن تضمن تسديد المال إليها.
المنظمة أيضًا لديها خُبراء يذهبون لتلك البلاد من أجل المساعدة والتدريب.
المنظمة تُقرض بالفوائد لبعض البلاد ومن دون فوائد للبلاد الفقيرة جدًّا.
المنظمة غيرُ ربحية ولا تقوم على مشاريع أخرى، وتستخدم الفوائد في دفع مرتبات الموظفين وتكاليف السفر والتدريبات، ومن أجل إقراض بلاد أخرى.
هل العمل في هذه المنظمة حلال أم حرام؟ وهذا هو الجزء الأول من السؤال.
الجزء الثاني هو: المنظمة تعمل مع شركة خارجية اسمها «راندستاد»؛ وهي المسئولة عن قسم الكمبيوتر في المنظمة. كل العاملين في «راندستاد» يقبضون مرتباتهم من «راندستاد» وبالطبع «راندستاد» تأخذ أجر إدارة قسم الكمبيوتر في المنظمة.
هل العمل مع «راندستاد» حلال أم حرام؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الربا قليله وكثيره حرام، ونصوصُ القرآن والسنة في ذلك جليَّةٌ ومستفيضةٌ، وقد لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: «هُمْ سَوَاءٌ»(1).
إلا أن أوضاعَ البنك الدولي تَرِدُ عليها عدةُ أمور:
• منها ما ذكرتِ من أنَّ البنك الدولي مؤسسةٌ غيرُ ربحية، وأن الفوائد التي يحصلها لتغطية مصروفاته، التي تتكون من دراسات وأبحاث ودراسات ميدانية، فإن صحَّ ذلك فلا تُعتبر هذه الفوائد من الربا المتفق على منعه.
• ومنها أن الدول الفقيرة أو النامية لا تلجأُ إلى البنك الدولي غالبًا إلا في حالات عَسرَتِها، وعجزِها عن تمويل مشروعاتها، والقيام بوظائفها الأساسيَّة؛ فقد تتحقَّق في كثيرٍ من حالاتها أوضاعُ الضرورة التي تُجيز الاقتراضَ الربويَّ لدفعِها، ومن كان وجودُه في البنك الدولي رافعًا للضيم عن هذه الدول ومُعينًا لها على خروجها من أزمتها بأيسرِ السبل وأقلِّ الخسائر فقد يمتهد سبيلٌ للترخيص له في هذا العمل.
وصفوة القول أنه إن صحَّ أن الفوائدَ مقابل المصروفات الفعلية- فلا حرج، وأن العملَ في إقراض الدول الـمُعدِمة التي تتحقق حالةُ الضرورة في أحوالها- يُمكن الترخُّص فيه؛ لاسيما وأن معظمَ هذه الدول تأخذ القرضَ غالبًا بلا فوائد، أو بفوائد يسيرةٍ جدًّا تستوعبها المصروفات الفعلية.
ونتمنى على الله أن يفيق أهلُ الإسلام، وأن يُكوِّنُوا صندوقًا إسلاميًّا، يكون بديلًا عن هذه المؤسسات الدولية الربوية، تجد فيه الدول النامية حاجتها، دون الاضطرار إلى اللجوء إلى البنك الدولي وتعقيداته.
وما قلناه عن البنك ينطبق على الجزء من شركة الكومبيوتر الداعم لأعمال البنك، إلا أن الأمر في هذه الشركة أوسع لعدم اتصالها المباشر بكتابة الربا أو الإشهاد عليه في الأغلب. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «لعن آكل الربا ومؤكله» حديث (1598)، من حديث جابر رضي الله عنه.